“المجلس اللغوي الثامن” يناقش آليات تطوير مهارات المعلمين ومضاعفة تأثيرهم على أجيال المستقبل
نظمه “مجمع اللغة العربية بالشارقة”
“المجلس اللغوي الثامن” يناقش آليات تطوير مهارات المعلمين ومضاعفة تأثيرهم على أجيال المستقبل
- امحمد صافي المستغانمي: نسعى إلى تحفيز المعلمين والمعلمات وتمكين اللسان العربي واستقطاب الكفاءات اللغوية
أكدت الدكتورة سوسن المكني، مؤسسة “معهد المستقبل في باريس”، أن المعلم ينجح بامتياز عندما ينظر إلى كل طالب على أنه “مشروع عبقري”، ويعطيه القيمة الإنسانية الحقيقية، ويتحمل مسؤولية رعايته، وصقل مواهبه، ودعم مهاراته، ومساعدته على الاستفادة منها مدى الحياة، بالإضافة إلى إيقاف التسيُّب المدرسي، الذي يُفرّغ العملية التعليمية من محتواها القيميّ والعلميّ والمنهجيّ.
جاء ذلك خلال محاضرة علميّة نظمها مجمع اللغة العربية، ضمن فعاليات “المجلس اللغوي الثامن” تحت عنوان “معلم اللغة العربية الناجح.. الإعداد والأساليب”، بحضور الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لـ”مجمع اللغة العربية بالشارقة”، ونخبة من الأكاديميين والمعلمين والجمهور، وممثلي وسائل الإعلام المحلية.
غرس محبة العربية في نفوس الطلاب
وأشار الدكتور امحمد صافي المستغانمي في مستهل الجلسة إلى أن “مجمع اللغة العربية بالشارقة” نظم “المجلس اللغوي الثامن” بهدف تحفيز المعلمين والمعلمات، والتّمكين للسان العربي في نفوس أبناء الجيل، واستقطاب الكفاءات اللغوية التي يتمتع بها العالم العربي والإسلامي.
وأضاف المستغانمي: “استضاف المجمع في (المجلس اللغوي الثامن) الدكتورة سوسن المكني، المتخصصة في التربويات، لا سيما في إعداد معلمي ومعلمات اللغة العربية، للناطقين بها والناطقين بغيرها، بهدف مناقشة المناهج المستخدمة لإعداد معلمين يتسمون بالكفاءة والبلاغة والفصاحة، وقادرين على استخدام الأساليب التي تحفّز الطلاب وتعزز تفاعلهم، وترفع نسبة استخدامهم للغة العربية السليمة، وتغرس محبتها في قلوبهم”.
تجربة “أكاديمية تدريب المعلمين في باريس”
واستعرضت الدكتورة سوسن المكني، مختلف المفاهيم النظرية والأنشطة والتطبيقات العمليّة التفاعلية التي تساعد المعلمين والمعلمات على إنجاح العملية التعليمية داخل الصف المدرسي، والتي جمعتها من عدد من الحصص التطبيقية التي تقدمها “أكاديمية تدريب المعلمين في باريس”، وفيها يكون المعلم هو الموجه والمرافق والمشرف والمصحح والمسلّي للتّلاميذ والأخ النّاصح، ويكون الطالب هو محور العملية التعليمية، وفقاً لعدد من النظريات التربوية والتعليمية والمنهجية الحديثة، مثل مناهج ووسائل “مونتيسوري” التعليمية التي انتشرت في أكثر من 25 ألف مدرسة حول العالم.
التوازن بين الجانبين العملي والنظري
وشددت الدكتورة سوسن المكني على أهمية تحقيق التوازن بين الجانبين النظري والعملي، وأن يسعى المعلم إلى تحقيق الأهداف والاستراتيجيات التعليمية والتربوية المتوسطة والبعيدة المدى، التي تطمح إلى تخريج أجيال تتميز بمؤهلات لغوية وعلمية عالية الجودة وسلوك نفسي سوي.
معايير الجودة.. آيزو 9002
ونوهت الدكتورة سوسن إلى أن توفير المناهج والمحتويات والوسائل، يعني تلقائيا تلبية المعايير التي وضعتها منظمة الـ”آيزو 9002″ في عام 1987 عندما ألزمت كافة المؤسسات التعليمية والتربوية في جميع المراحل التعليمية من رياض الأطفال والتعليم الجامعي وصولاً إلى التعليم العالي، بتقديم تعليم عالي الجودة، وتتضمن 300 شرط لتلبية معايير الجودة الأوروبية والعالمية في التربية والتعليم.
وأضافت: “الجودة هي أسلوب تنموي شامل ينطلق من روح تطمح إلى الوصول إلى أعلى درجات النجاح والتميز بين النظري والتطبيقي، فتوفر الوسائل اللازمة، والبرامج، والمحتويات، وتدعم المعلمين بالتدريب والتأهيل الذي يحتاجونه، بهدف بث روح إيجابية وتنافسية بين الجميع، ووضع الرؤى الاستراتيجية والبرامج التي تربط بين المخرجات التعليمية وسوق العمل، وتضعنا أمام مسؤوليات أخرى هي تطوير الوسائل الإدارية، والمحافظة على المكاسب والنجاحات، وتوفير الوسائل، وتحسين المناهج”.
المعلم الناجح
وأكدت على أهمية إعداد المعلمين والمعلمات من خلال الجمع بين البعد النظري الذي يستوفي معايير الجودة العالمية في التربية والتعليم من جهة، والبعد التطبيقي والعملي لتطوير وسائلهم ومهاراتهم ومناهجهم من جهة أخرى، مشيرة إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب من المعلمين والمعلمات الالتحاق بالدورات التدريبية والتعرف على خصائص ومميزات المعلم الناجح.
الجانب العملي
وحول الجانب العملي، وكيف يمكن للمعلم أن يحيي العملية التعليمية، أكدت الدكتورة سوسن أهمية اعتماد التفاعلية التشاركية في كافة المواد والأنشطة في العملية التعليمية، مشيرة إلى أن نتائجها مضاعفة على الطلاب، لا سيما في ظل التأثير واضح الانتشار لألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي على نفوس وعقول الأطفال والشباب.
طرائق التعليم
وتناولت الدكتورة سوسن طرائق التعليم المختلفة، وأبرزها التعليم بتجسيم معاني الدروس العملية، والتعليم الزمري بالمجموعات، والتجربة لمعاينة نتائجها، والحوار، والعصف الذهني واستمطار الأفكار، والحركية البدنية والتنافسية، والغناء والتمثيل والفنون الجميلة، والأساليب التقليدية المفيدة والمحو التدريجي، والمشاهدة السمعية-البصرية والتفاعلية، كنظارات الواقع الافتراضي.
المناهج التعليمية وتطرقت إلى اعتماد مختلف مناهج التعبير لإثراء الحصيلة اللغوية للطلاب في التراكيب والتعابير، والتوسع فيها، كالتعبير الأدواتي، والتفريعي والتدريجي، والصيغ التعبيرية، والتطبيقات التفعيلية، إلى جانب التنشيط التعليمي، وتنفيذ المشاريع التطبيقية واليدوية والتكنولوجية، والرحلات الاستطلاعية والزيارات الميدانية التعليمية، والتعليم المحوري الذي يكثف التعابير المستعملة يومياً في مختلف مناحي الحياة الثقافية والصحية والمهنية والإعلامية.
اقـرأ الـمـزيـدمجمع اللغة العربية بالشارقة ينظم “المجلس اللغوي السابع” ويؤكد أهمية دراسة الأدب في تعزيز مهارات الأجيال المعرفية
استضاف الأديب أحمد ديوب وأضاء على دور الشعر في تاريخ وحاضر الأمة
مجمع اللغة العربية بالشارقة ينظم “المجلس اللغوي السابع” ويؤكد أهمية دراسة الأدب في تعزيز مهارات الأجيال المعرفية
استضاف “المجلس اللغوي السابع” في مجمع اللغة العربية بالشارقة، الأديب اللغوي الشاعر السوري أحمد ديوب، للحديث عن تجربته الأدبيّة، وأهمية البيئة التعليمية القائمة على الأدب في تعزيز مهارات الأجيال المعرفية، بحضور الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، ونخبة من الأكاديميين والمعلمين والمثقفين والباحثين، وحاوره فيها الدكتور بهاء دنديس من مجمع اللغة العربية بالشارقة.
الأدب الرفيع مفتاح فهم أسرار العربية
وفي كلمته خلال المجلس اللغوي السابع، شدد الدكتور امحمد صافي المستغانمي على ضرورة تسليط الضوء على التجارب الشابة في عالم الأدب وتقدير مشاركاتهم الفريدة في إثراء المكتبة العربية. وقال: “نسعى من خلال المجلس اللغوي إلى اكتشاف المواهب، وتشجيع هواة الشعر والأدب للمزيد من فهم العربيّة والغوص في أعماقها وأسرارها”.
وأكد المستغانمي أن تربية النشء على حب الشعر والأدب الرّفيع والخطابة وفنّ الرسائل، والإلمام بهذه الأجناس الأدبيّة يُعد ركيزة أساسية لتنمية شخصياتهم وصقل مواهبهم، بما يُمكِّنهم من بناء علاقة متينة مع اللغة، ويجعلنا نراهن على قدرتهم في التميز في مختلف المجالات العلمية.
والخط والصوت والمعنى
وتحدث الأديب الشاعر أحمد ديوب عن رحلته مع الشعر التي بدأت منذ نعومة أظافره، مشيراً إلى أن اللغة العربية قد تشابكت مع مواهبه الفنية في الخط العربي والعزف على العود لتعزيز جماليات الشعر العربي، وأوضح كيف أن الشعر يكتسب هويته من خلال تناغم الحرف في صوته وشكله ومعناه، مستشهداً بكلمة “غرق” كمثال حي، حيث يُشبه شكل حرف الغين رأس الإنسان والنقطة فوقه تمثل سطح الماء، بينما يُجسد الراء انسياب الجسم داخل الماء. وأضاف أن الصوت المميز للغين والراء يُحاكي صوت الغريق، مما يُبرز اللغة العربية كلغة تعكس جمال الطبيعة، وأخيراً، يُشير إلى صوت القاف الذي يتميز بالقوة المعبرة عن الارتطام.
وقال ديوب: “يتجلى الشعر في معنيين؛ ظاهر يُدركه الجميع، وباطن يُعانق أرواح العارفين، فهو ليس مجرد كلمات تُنظم، بل هو فن رفيع وعلاقة وطيدة باللغة العربية، يتطلب فهماً عميقاً لخصائصها الجمالية والبلاغية. وما يُثبت هذه العلاقة الفريدة بين الشاعر والشعر هو أن كثيراً من شعراء العصر الحديث الذين أثروا الأدب العربي لم يتلقوا تعليمهم اللغوي في الجامعات، بل وصلوا لجوهر اللغة وأساليبها بشكل ذاتي، فأنتجوا إبداعات لا تُضاهى”.
الانفصال عن التراث ابتعاد عن جوهر الشعر
وأضاف: “إن الانفصال عن تراثنا الأدبي العريق لا يُعد إلا قطيعة مع الشعر الحقيقي وروحه النابضة التي تُعبر عن هوية الأمة وتُعلي من شأنها؛ فالشعراء الذين يتباهون بالتحرر من التراث إنما يُظهرون بُعدهم عن جوهر الشعر ومعناه الأصيل، الذي يعبر عن روح الحياة الثقافية للأمة العربية وهويتها”. وفي سياق حديثه عن الدور الحيوي للشعر في تعليم النشء، شدد أحمد ديوب على أهمية إدراج الشعر ضمن المناهج الدراسية، مؤكداً أن المناهج الإماراتية تتصدر في هذا المجال بتوفيرها الفرصة للطلاب لاستلهام العلم والمعرفة من خلال الشعر. وأوصى بأن تُعنى المناهج بانتقاء قصائد شعرية محببة وجذابة، تُبرز جمال الشعر وتُقربه إلى قلوب الطلاب، مثل أعمال نزار قباني وأبي القاسم الشابي وأحمد شوقي، الذين لا يخف بريق شعرهم مع الزمن. كما شدد على ضرورة تحفيظ الشعر للطلاب، لما له من دور بالغ في غرس بذور الإبداع والخيال في نفوسهم، مما يُسهم في تنمية قدراتهم الأدبية والفكرية.
اقـرأ الـمـزيـد