مجمع اللغة العربية بالشارقة يدعو إلى حوسبة المعاجم وتبسيطها لتلبّي حاجيات قارئ العصر

خلال مشاركته في المؤتمر الدولي “اللغة العربية أمانة قومية وضرورة عالمية”

مجمع اللغة العربية بالشارقة يدعو إلى حوسبة المعاجم وتبسيطها لتلبّي حاجيات قارئ العصر

 

دعا الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، الأستاذ الدكتور امحمد صافي المستغانمي، مجامع اللغة العربية والمراكز اللغوية الكبرى الحديثة المعنية بالصناعة المعجمية إلى ضرورة تضمين المعاجم لمفردات ومفرزات الحضارة وإدخال التعابير التي تجود بها اللغة العصرية، وأكد على ضرورة حوسبة المعاجم واعتماد التبسيط والوضوح في التعريب واختيار الأمثلة خاصة المعاجم الموضوعية.

 

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها (عن بُعد) عبر منصات التواصل المرئي، خلال مشاركته في مؤتمرٍ حول اللغة العربية تحت عنوان “اللغة العربية أمانة قومية وضرورة عالمية”، أقيم أمس (الإثنين) بتنظيم من اتحاد الجامعات العربية وبالتعاون مع جامعة الدول العربيّة، بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ76 لتأسيس جامعة الدول العربية.

 

وقال الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة: “العرب هم السبّاقون إلى علم المعاجم، وإنشاء المعاجم العامة، لكن العرب المعاصرين بحاجة إلى أن يقوموا بتجديد المعاجم وإتقان الصناعة المعجميّة المعاصرة، ولا يخفى على أحد أن الصناعة المعجمية القديمة كان لها دوافع دينية كالحفاظ على لغة القرآن الكريم، والدافع الاجتماعي عندما دخلت أفواج من الأمم الأخرى إلى الإسلام وتفشّى اللحن عند كثير من الناس؛ لذا حاول العرب أن يتداركوا اللغة العربية واستطاعوا قدر الإمكان أن يحافظوا على فصاحتها”.

 

وتابع: “دعوتي من خلال هذا المؤتمر المهمّ أنْ تُعنى المجامع والمراكز الكبرى والأكاديميات بعلم الصناعة المعجمية الحديثة، فبعض المعاجم القديمة لا يوجد بها ترتيب للأفعال، ولا للمشتقات، والمصادر، والأسماء وغيرها، لهذا نحن في عصرنا الحديث بحاجة إلى أن نخدم اللغة العربية بما يتوافق مع روح العصر، وأن نجدّد في عرضها، والمأمول من المجامع اللغوية أن تعنى بعصرنة المعاجم وإخضاعها للمنهجية الحديثة وهذا ليس تنصّلاً من تراثنا بل هو نهلٌ من معينه الزاهي وإضافة إلى ما جادت به قرائح الأدباء واللغويين والفلاسفة المعاصرين”.

 

وأكمل الدكتور امحمد صافي المستغانمي: “نحن اليوم بحاجة إلى تحديث المعاجم اللغوية المعاصرة لتلبّي القارئ والمبدع المعاصر وتسهّل التواصل مع الآخر، وأن نُدخِل لها مفرزات وألفاظ الحضارة من التعابير التي جادت بها قرائح العلماء المعاصرين، كما يجب الاهتمام بحوسبة المعاجم وتبسيط الكتب التي صنفت في المعاجم الموضوعية وإعادة فهرستها وتقديمها بأمثلة شائقة رائقة للجمهور العربي الذي ينتظر الكثير من مثقفيه وعلمائه في ميدان إظهار أسرار العربية وإضافة ما نستسيغه ونصطفيه لأبنائنا من ألفاظ الحضارة، كما نحن بحاجة إلى حسن عرض هذه المواد المعجميّة عرضا جميلا بهيّا يجذب أبناء العصر الرّقمي، ويخاطبهم من خلال اهتماماتهم”.  

 

وأضاف: “تأخر العرب في إنجاز المعجم التاريخي لسببين؛ الأول ضخامة التراث العربي العظيم الممتد من عصر ما قبل الإسلام وصولاً إلى عصرنا الراهن، والذي يحتاج إلى رقمنة وحوسبة ومعالجة، الثاني العامل الماديّ، وليس بوسع أحد أن يعمل بشكل منفرد، فالمسؤولية اليوم تقعُ على المجامع والمراكز اللغوية كوننا نعيش عصر التكتلات العلميّة والمؤسسات الثقافيّة؛ لهذا كلّه نحن بحاجة إلى عصرنة المعاجم”.

 

وأكّد أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة أن الجهود الكبيرة التي قامت بها مجامع ومراكز اللغة في الوطن العربي عظيمة وتثمّن، مشيراً في الوقت ذاته إلى حاجة العرب لمن يجمع شملهم، ويرأب صدعهم، حتى يصلوا إلى قمم الإبداع، وقال: “من المأمول في الصناعة المعجمية أن نستفيد من التجارب العالمية، وقد سبقنا الإنجليز والفرنسيون والروس والألمان في إعداد المعاجم التي تلبي قضايا لغاتهم والمتطلبات التي يبغونها، كما يجب أن تكون معاجمنا المستقبليّة منسجمةً مع الشكل المكتمل للمعاجم العصريّة، والتركيز على المتعلّم وتحديد الفئات المستهدفة، ولا مانع من أن تكون لدينا معاجم موسوعية كبيرة”.

 

وتابع: “ما نقوم به الآن في مجمع اللغة العربيّة بالشارقة بتوفيق من الله وفضله، ثمّ برعاية وتصميم من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وتعاون مع المجامع العربية، من إنتاج المعجم التاريخي للغة العربية هو مشروع جبّار، وقد استطعنا تذليل الكثير من الصعوبات وتجاوز العوائق، وأبشرّكم بعد أن قمنا بعرض الأجزاء الثمانية منه في معرض الكتاب السابق، بأننا الآن بصدد تحرير الحروف الأولى، وسوف تتوالى مجلدات وأسفارٌ تليقُ بهذا المعجم المنتظر، ونؤكّد أنّنا اجتهدنا ونستمرُّ في الاجتهاد لتضمينه أصحّ المواد المعجميّة، والتأريخ لاستعمالها من اللغة الحيّة، وفي الوقت نفسه لا ندّعي لأنفسنا الكمال، ولسنا بمعزل عن الخطأ والذي لا يخطئ هو الذي لا يتحرّك، ونحن نتحرّك ونستقبل من جميع الجهات المقترحات والملحوظات التي توجّه العمل وتُسدّده، كما أوجّه المشتغلين بالصناعة المعجميّة إلى ضرورة التبسيط والإيضاح في صوغ التعاريف، ومعالجة المداخل، وترتيبها، وحسن اختيار المواد والأمثلة والتحيين المستمر للمعاجم، لكي نصل إن شاء الله تعالى إلى مرحلة العرض الجيّد المتميّز لمفردات اللغة والاستعمال السليم لها”.

 

      هذا، وتخلّلت الجلسة العلمية الأولى مشاركة نخبة من الشخصيات من علماء ورؤساء المجامع العلمية العربية وأكاديميين حيث قدّم كلٌّ من الأستاذ الدكتور صلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مداخلة تحت عنوان “دور الإبداع الأدبي في تنمية اللغة”، كما شارك الأستاذ الدكتور صالح بلعيد، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر بورقة عنوانها “الاستثمار في اللغة العربية: مشاريعه وقضاياه”، فيما شارك الأستاذ الدكتور محمود صالح، الأمين العام لمركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية بمداخلة بعنوان “اللغة العربية والتقنيات الحديثة”، فيما قدّم الأستاذ الدكتور محمد السعودي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية الأردني محاضرة بعنوان “العربية: واقعها ومستقبلها في التطبيقات الحاسوبية”.

 

    وشهد المؤتمر الذي ترأسه الأستاذ الدكتور خميسي حميدي، الأمين العام المساعد لاتحاد الجامعات العربية، حضور كل من معالي السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والأستاذ الدكتور عمرو عزّت سلامة، الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية، وعدد من رؤساء مجامع ومجالس اللغة العربية في الوطن العربي، ورؤساء وعمداء جامعات ومؤسسات أكاديمية معنية باللغة العربية، إلى جانب مجموعة من الخبراء والمهتمين باللغة العربية.

 

يمكنكم متابعة المؤتمر بالكامل بالضغط هنا.

اقـرأ الـمـزيـد