








الشارقة، 22 سبتمبر 2023،
نظّم “مجمع اللّغة العربيّة بالشارقة” ندوةً لغويّةً علميّةً بعنوان “اللغة العربيّة والعوالم الجديدة” بالتّعاون مع “مجمع اللّغة العربيّة الأردني” خلال مشاركته في الدّورة الـ22 من “معرض عمّان الدّولي للكتاب” الذي انطلق في 21 ويستمر حتّى 30 سبتمبر الجاري في العاصمة الأردنيّة، حيث ناقشت الندوة التّحدّيات الّتي تواجه تعميم استخدام اللّغة العربيّة في مختلف مناحي الحياة، والحلول العمليّة للتّغلّب عليها.
وشهدت النّدوة الّتي أقيمت بالتّعاون مع “مجمع اللّغة العربيّة الأردني” مشاركة كلٍّ من الدّكتور امحمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة والمدير التّنفيذي لمشروع المعجم التّاريخي للّغة العربيّة، والدّكتور محمّد السّعودي، أمين عام مجمع اللّغة العربيّة الأردنيّ، والدّكتور إبراهيم السّعّافين، عضو مجلس أمناء مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة وعضو مجمع اللّغة العربيّة الأردنيّ.
وناقشت الندوة سبل توثيق أواصر التّعاون العلميّ والمعرفيّ بين مجامع اللّغة العربيّة بشكل عام، لا سيّما بين “مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة”، و”مجمع اللّغة العربيّة الأردنيّ”، مسلّطةً الضوء على أهميّة استخدام اللّغة العربيّة في جميع المجالات وعلى كافّة المستويات العلميّة والطبيّة والبرمجيّة، وضرورة تعزيز دورها ومكانتها في الفضاء الرقمي والافتراضي وعلى منصّات التّواصل الاجتماعي.
وقال الدّكتور امحمد صافي المستغانمي: “اللّغة العربيّة مكوّنٌ أساسيٌ من مكوّنات الهويّة والثقافة العربيّة، والشاهدة على تاريخنا العريق وحضارتنا المجيدة التي استفادت من الإرث العلميّ والأدبيّ والثقافيّ العالميّ، ونجحت بتطويره وتسخيره لابتكار علوم وفنون واستكشاف عوالم جديدة، بالإضافة إلى ترك بصمتنا في تاريخ الحضارة البشريّة”.
وأضاف: “مع التحدّيات الّتي تعرقل تعميم استخدام لغة الضّاد، كان لا بدّ من تنظيم هذه النّدوة الّتي تؤكّد أنّ هذه اللّغة الأصيلة قادرة على مواكبة أحدث ما توصّلت إليه العلوم والمعارف الإنسانية والإضافة عليها وتطويرها، وفي هذا المقام، نشيد بالجهود المباركة لصاحب السّموّ الشّيخ الدّكتور سلطان بن محمّد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشّارقة، في دعم اللّغة العربيّة وحمايتها وتعزيز حضورها بين الأجيال الناشئة”.
بدوره، قال الدّكتور محمد السّعودي، أمين عام مجمع اللّغة العربيّة الأردنيّ: “نرحب بمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة في (معرض عمّان الدّولي للكتاب) ويسعدنا التّنسيق المشترك لتنظيم هذه النّدوة العلميّة التي أثرت رؤى تعزيز استخدام اللّغة العربيّة وأكّدت على مكانتها ودورها الثقافيّ والمعرفيّ الرائد على المستوى العالمي”.
وعلى هامش مشاركته في الحدث الثّقافيّ الرائد، استعرض “مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة” مشروع الإمارة الثقافيّ وجهودها في حماية اللّغة العربيّة، مسلّطاً الضوء على أحد أبرز المنجزات اللغويّة والعلميّة في تاريخ الحضارة العربيّة؛ “المعجم التّاريخيّ للّغة العربيّة” الذي يشرف المجمع على إدارة لجنته التنفيذيّة ويضمّ عشرة مجامع لغويّة حرّرت حتّى الآن 9 حروف في 36 مجلداً. يشار إلى أن “مجمع اللّغة العربيّة” بالشّارقة حقق إنجازات كبيرة من خلال التّنسيق بين المجامع اللغويّة وتأسيس مظلّة مشتركة لدعم أعمالها وأنشطتها، بهدف تعزيز اللّغة العربيّة وحمايتها وترسيخ مكانتها بين اللّغات العالميّة، بالإضافة إلى تأسيس “مركز اللّسان العربيّ” لتعليم اللّغة العربيّة لغير النّاطقين بها، وإطلاق “المعجم التّاريخيّ للّغة العربيّة”؛ المشروع المعرفيّ الذي يؤرّخ لألفاظ لغة الضّاد ويبيّن أساليبها وتطوّر دلالاتها عبر أكثر من 17 قرناً.
اقـرأ الـمـزيـدخلال فعاليات المجلس الّلغوي السّادس بالمجمع
أمين عام مجمع الّلغة العربيّة بالشّارقة يستعرض دقّة المفردة وجماليّات المعاني في القرآن الكريم
الشارقة، 18 سبتمبر 2023
دعا سعادة الدّكتور امحمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع الّلغة العربيّة بالشّارقة، معلمي الّلغة العربيّة إلى أن يغرسوا في وعي طلابهم ما تختزنه لغة القرآن الكريم من دقّة في معانيها وبيانها، والتنبّه إلى أنّ كلّ لفظٍ في العربيّة له كيانه وخصائصه، ولا وجود لأيّ تشابه في معاني الألفاظ أو تكرار، بدليل ما يحويه كتاب الله الكريم من مفردات يستخدمها النصّ القرآنيّ بمعانٍ غير متشابهة حسب سياقها.
جاء ذلك في جلسة حواريّة بعنوان “وقفةٌ معجميّةٌ في البيان القرآنيّ”، نظّمها “مجمع الّلغة العربيّة بالشّارقة”، في مكتبته، وهي السّادسة ضمن فعاليات المجلس الّلغوي التي تُنظّم كل شهرين، وتركّزت حول المفردات القرآنيّة وتحليل معانيها، وأدار الجلسة الباحث الدّكتور بهاء الدّين عادل دنديس.
دقّة معاني مفردات القرآن
وقال أمين عام المجمع: “إنّ النصّ القرآنيّ يحمل جمالياته ودقّة مفرداته التي تحدّثت عن نفسها قبل أن يأتي المفسّرون وعلماء البيان بشروحاتها وتحليلاتها، وإنّنا عندما نقرأ الكثير من الآيات القرآنيّة نلاحظ تصويرها للمعاني باستعمال مفردات لا ترادف فيها أو تشابه في المعنى”.
وأشار إلى أنّ المعنى في الذّكر الحكيم مقدّم على الفواصل وأنّ الكلمات تتّسق مع بعضها ولها درجات من المعاني، وأعطى مثالاً على كلمة الصّراط التي وردت 46 مرّة في القرآن الكريم، وفي كلّ مرّة تأتي لتأكيد معنى في سياق يجعلها مناسبة للموضع الّذي وردت فيه.
اجتهاد المعاجم
وبيّن أنّ تاريخ المعاجم الّتي استنطقت التّراث العربيّ حافلٌ بالاجتهاد، وفيها ما يتتبّع جذور الكلمات وعلاقاتها بالسّور القرآنيّة، وتقدّم دروسًا في ثراء الّلغة العربيّة، وأشار إلى أنّ المعجم الّذي جمع أصول الكلمات العربيّة أكثر من غيره هو معجم “مقاييس الّلغة” لأحمد بن فارس.
وقال: “يمكن تحليل عدد من مفردات النصّ القرآنيّ في سياق تدّبر الآيات والتّعرف على دلالاتها من خلال معاني الّلفظ القرآني، مثل الصّراط والمزّمّل والمدّثّر وقسمة ضيزى، وغيرها من المفردات الّتي تكشف أن كلّ سورة قرآنيّة يمثّل عنوانها سلسلة من المعاني والدّلالات تعكس مفرداتها ودقّتها التّعبيريّة، و مهما تناولنا مفردات من آيات القرآن الكريم فإنّها تؤّكد لنا الدقّة المتناهية والعوامل المشتركة والتّجاذب الّلفظي والهندسة البنائيّة في الذّكر الحكيم”.
تجاذب لفظي
وأشار إلى أنّ التّجاذب الّلفظي فيما بين الكلمات يظهر في استخدام كلمات مختلفة لوصف نفس المفهوم بدرجات متباينة، مثل القول الّلين والقول الثّقيل والقول المعروف والقول السّديد والقول الكريم، وأن كلّ قول يشير إلى درجة مختلفة من المعنى، مثل قوله الله تعالى في سورة الإسراء “وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً”.
وأضاف أن هدف المفسّرين للنّصّ القرآنيّ في السّابق لم يكن الاهتمام بدراسة النّصّ القرآنيّ دراسةً شموليّة تكامليّة، وأن أغراض التّفسير لم تصل إلى حدود تبيين دلالات المفردات وجذورها ودقّتها وجمال الاتّسّاق فيها، وأنّ الاهتمام لديهم كان ينصبُّ على تبيين معنى المفردة في سياقها فقط، أمّا الدّراسات الحديثة، فإنّها تنظر نظرة شاملة وتقارن وتبيّن اتّساق نصوص القرآن الكريم، وانسجام الألفاظ في كل سورة.
وختم الدّكتور امحمد صافي المستغانمي حديثه بالإشارة إلى أنّ معرفة الشّعر العربيّ قديمه وحديثه، تُكسب القارئ فصاحة، لكنّها لا تتفوّق على ما تحويه لغة القرآن الكريم من فصاحة وبيان، “لأنّ من يقرأ القرآن وهو واعٍ يُدرك الفرق بين الكلمات والمعاني ويُدقّق في حقائقها”.
اقـرأ الـمـزيـدخلال مشاركته في”المهرجان الدّوليّ للّغة والثّقافة العربيّة” بمدينة بولونيا
“مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة” يستعرض أثر التّرجمة على بناء العلاقات الثّقافية بين العرب والإيطاليِّين
د. امحمد المستغانمي قدّم ندوة أدبيّة حول ترجمات أعمال أمبرتو إيكو إلى العربيّة
ضمن مشاركة إمارة الشّارقة في فعاليات الدّورة السّادسة من “المهرجان الدّوليّ للّغة والثّقافة العربيّة”، نظّم “مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة” ندوة أدبيّة بعنوان “دور ترجمة الأدب الإيطاليّ في إثراء ثقافة القارئ العربيّ”، تحدث خلالها الدّكتور امحمد صافي المستغانمي الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، عن العلاقة العميقة التي تجمع الأدب والترجمة، وأشار إلى أهمّيّة التّرجمة بوصفها جسراً ثقافيّاً بين الحضارات على اختلافها وتنوعها.
جاءت مشاركة المجمع في المهرجان الذي تنظمه “جامعة القلب المقدَّس الكاثوليكيّة” في مدينة ميلان الإيطاليّة تحت شعار “كيف ساهمت التّرجمة في بناء الحضارات”، ضمن جهوده في تعزيز حضور اللّغة العربيّة في المشهد الثّقافي العالميّ، وتسليط الضوء على دور اللّغة العربيّة في بناء الحضارة الإنسانيّة.
وتوقّف المستغانمي خلال الجلسة عند العلاقة الوثيقة التي تربط بين الأدبَيْن الإيطاليّ والعربيّ، لا سيّما بعد ترجمة “رسالة الغفران” لأبي العلاء المَعرّيّ إلى اللّغة الإيطاليّة وانعكاسها في “الكوميديا الإلهيّة” التي ألّفها دانتي، حيث امتلأت المكتبة العربيّة المعاصرة بعد ذلك بأعمال كُتّاب إيطاليّين كبار من أمثال: إيتالو كالفينو وإمبرتو إيكو، بينما حفلت المكتبة الإيطاليّة بأعمال مترجمة للرّوائيّ نجيب محفوظ والشّاعِرَيْن: محمود درويش وعلي إسبر المعروف بأدونيس وغيرهم الكثير، في تبادل ثقافيّ واضح يعكس حجم العلاقة بين الثّقافتَيْن العربيّة والإيطاليّة.
وأشار المستغانمي في حديثه إلى السّيرة الذّاتيّة الغنيّة للكاتب الإيطاليّ إيكو، مستعرضاً جانبًا من مؤلفاته التي أَثْرَت المكتبةَ العربيّةَ وحركةَ التّرجمة في العالم العربيّ، ومن أبرزها كتاب “كيف تُعِدّ رسالة دكتوراه”، الذي يقدِّم جملة من النّصائح المنهجيّة والأصول المعرفيّة التي ينبغي أن يتسلّح بها طالب الدّكتوراه وهو يخوض غمار بحثه، وكتاب “التّأويل والتّأويل المفرط” الذي ناقش فيه قضية تأويل النّصوص وتوصل إلى أنّ التّأويلات ليست متساوية في قيمتها وواقعيتها.
كما وأشار المستغانمي إلى رواية “العدد صفر” التي تعدّ الرّواية السّابعة والأخيرة لإيكو قبل وفاته، وعَرَّج على كتاب “أن تقول الشيء نفسه تقريباً”، الذي شرح فيه إيكو مفهوم “الشيء” و”تقريباً” في عملية الترجمة وغيرها الكثير، كما تحدّث عن انتشار كتب نجيب محفوظ في إيطاليا والذي كان لفوزه بجائزة نوبل أثر كبير في تسليط النّقاد الإيطاليِّين الضوء على أدبه، واستعرض المستغانمي أهمّ مؤلفات نجيب محفوظ التي تُرجمت إلى الإيطاليّة ومنها: “أولاد حارتنا” و”الثّلاثيّة” و”ثرثرة فوق النِّيل”.
وحول أهمّية مؤلفات إمبرتو إيكو في إثراء المكتبة العربيّة، قال الدّكتور المستغانمي: “إنّ من أوضح الأمثلة في التّأثير والتّأثر ودور التّرجمة في توسيع مدارك الأدباء ورفد شؤون الأدب، والارتقاء بالنّتاج الإبداعيّ الأدبيّ: الشّعري والرّوائيّ واللّغوي، الأعمال الخالدة التي جادت بها قريحة الفيلسوف الكاتب اللّغويّ الأكاديميّ الروائيّ المبدع: إمبرتو إيكو، الذي ملأت فرائد أعماله الأدبيّة والنّقدية والفلسفيّة والرّوائيّة السّوق الأدبيّة في النّصف الثّاني من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، ولا تزال تثبت جدارتها وأحقّيّتها بالحياة”. يُشار إلى أنّ فعاليات الدّورة السّادسة من “المهرجان الدّوليّ للّغة والثّقافة العربيّة”، الذي يُنظّم سنويّاً، تشهد على مدار 3 أيام مجموعة متنوعة من الجلسات والأنشطة الثّقافية التي تسلّط الضوء على دور التّرجمة في بناء جسور ثقافية بين الحضارات وتبرز أهميتها في تحقيق التّقارب بين مختلف الثّقافات، متجاوزة حدود اللّغة والزّمان والمكان.
اقـرأ الـمـزيـدفي جلسة بعنوان “كيف نُحبّبُ العربيّة إلى قلوب أبنائنا”
“مجمع اللّغة العربيّة” يحتفي بتجربة خليل العيلبوني الشِّعرية ويستعرض أساليب تعليم الأطفال اللّغة العربيّة
في إطار احتفاله بشهر القراءة في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، استضاف “مجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة” الشّاعر الدكتور خليل العيلبوني، في جلسة حواريّة بعنوان “كيف نُحبّبُ العربيّة إلى قلوب أبنائنا”، أدارها هشام سعيد.
جاء ذلك ضمن فعاليّات “المجلس اللّغويّ الخامس”، التي يُنظّمها المجمع دوريّاً، ويستضيف خلالها نخبةً من المهتمّين بالأدب والتّراث العربيّ لمناقشة أهمّ القضايا والتّحدّيات التي تواجه واقع اللّغة العربيّة، في سلسلة جلسات نقاشيّة حواريّة.
ومع انطلاق الجلسة، رحَّب الدّكتور امحمّد صافي المستغانمي، الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، بالدكتور العيلبوني، واصفاً إياه بـ”الشّاعر والإعلاميّ الذي لا يُشق له غُبار”، فيما استعرض أهمّ الإنجازات التي قام بها العيلبوني منذ انتقاله للعيش في إمارة أبوظبي، حيث كان العيلبوني أوَّل مَن أذاع بيان قيام اتّحاد الدّولة عبر أثير إذاعة أبوظبي في الثّاني من ديسمبر عام 1971، بعد تجربة عمل ثريّة عمل فيها مذيعاً في إذاعة “صوت العرب” بالقاهرة، إلى جانب مسيرته الشِّعرية التي أصدر خلالها عدداً من الأعمال الأدبيّة والبحثيّة من بينها كتاب «شاعر وقصيدة» و«أبوظبي زمن البدايات» و«التّسامح من خلال القيادة الرّشيدة لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة» إضافة إلى ديوانه «ثلاثيّات الخليل» الصّادر بدعم من وزارة الثّقافة والشّباب.
واستهل خليل العيلبوني مداخلاته بالإجابة عن سؤال مدير الجلسة “كيف أحببتم العربيّة؟”، قائلاً: “عشقت هذه اللّغة منذ طفولتي بتشجيع من أُسرتي على تعلّمها، فقد كان الأهل يفرحون في الماضي عندما يعود طفلهم وهو حافظ لسورة من القرآن الكريم، ويفخرون بإجادته للعربيّة الفصيحة”، وانتقل العيلبوني بعدها إلى عقد مقارنة بين تعليم اللغة قديمًا وحديثًا، مشيراً إلى اهتمام الأُسر العربيّة اليوم بتعليم أبنائها اللّغة الإنجليزيّة على حساب الاعتناء بلغتهم الأمّ.
وأضاف العيلبوني: “لم تَعُد العُروبة عنصراً أو جنسيّة، إنما هي لسان، فمَن تكلَّم العربيّة فهو عربيّ، وهناك من يتكلّمون العربيّة وليسوا عرباً، وكثيراً ما أُفاجَأ بمن يتحدثون بها بصورة أكثر اتقاناً من العرب، هذه ظاهرة يجب أن نقف عندها بتأمّل ولا يكتفي أن نشجب ونستنكر، المفيد أن نبحث عن الطّرق والأساليب التي تجعلنا قادرين على جعل هذه اللّغة مُحبَّبة لدى الجيل الجديد”، مؤكِّداً ضرورة أن يتعلم الأطفال اللّغات الأجنبيّة، كالإنجليزيّة والفرنسيّة واليابانيّة والصّينيّة، ولكن دون إغفال العربيّة.
وتحدث العيلبوني عن كيفية تحبيب اللّغة العربيّة للأطفال، مستشهداً بتجربته الشخصيّة في التدريس، وقال: “عندما يدخل أستاذ الصف وهو عبوس متحدّثاً بطريقة مخيفة، فإن الطفل لا يستطيع الفهم حتى لو كان يرغب في التّعلّم” مؤكِّداً أهمية التَّوَدُّد إلى الأطفال ومعاملتهم كأصدقاء لكسر حاجز الخوف، والابتعاد عن التّلقين الذي لا تفيد الطالب، وهو ما قام به بتجربته شخصيًا مع ابنته، ففي أثناء رحلاتهم بالسّيّارة؛ كان لا يتحدَّث إليها إلّا بالعربيّة الفصيحة، وهو ما لاقى استجابة من ابنته واستحساناً، لتصبح بعدها متقنة للّغة الفصيحة.
وشدّد العيلبوني على أهمية تقدير المعلِّم، مع ضرورة تدريس الوسائل والأساليب التي يمكن للمعلِّم أن يفيد الطالب بها عبر دورات خاصة للمعلِّمين، وألّا يكون اختيار المعلم لتخصّص اللّغة العربيّة تحصيلَ حاصل، بل ينبغي أن يكون نابعاً عن الحُبِّ والشَّغف باللّغة، مؤكِّداً أنَّ اللُّغة لا تحتاج إلى رسائل دكتوراه، بل إلى معرفة ورغبة في تعليمها بتمكن واقتدار. واختتم الدكتور خليل العيلبوني الجلسة بالحديث عن تجربته الشِّعرية، التي ارتبطت بسنوات عمره الأُولى، مشيراً إلى أنَّه تعلَّق بالشِّعر منذ قراءته لعدد من الشّعراء الكبار، كان من بينهم مالك بن الرّيب، والأخطل الصّغير، وأحمد شوقي، الذين شكَّلوا البذرة الأُولى لمَلَكته الشّعرية، لينتقل بعدها إلى إلقاء عدد من قصائده الخاصّة، التي لاقت استحسان الحاضرين وتفاعلهم، خاصةً مع قراءته قصائد جديدة كتبها خصّيصاً للاحتفاء باللّغة العربيّة، وبشهر القراءة في دولة الإمارات.
اقـرأ الـمـزيـدخلال جلسة ضمن فعاليات مؤتمر “اللغة العربية في المنظمات الدولية”
“مجمع اللغة العربية بالشارقة” يشارك في مؤتمر “اللغة العربية في المنظمات العالمية” بمدينة الرياض
الرياض، 06 ديسمبر 2022،
أكدّ الدكتور امحمد صافي المستغانمي، أمين عام “مجمع اللغة العربية بالشارقة”، المكانة السامية التي تتمتع بها اللغة العربية بين اللغات العالمية، لما تحمله من خصائص وسمات جعلتها تتميز عن نظيراتها، نظراً لما تتمتع به ألفاظها من إبداع بياني، واتساع مخزونها المعجمي وأسلوب البديع في استخدام العبارات، ما جعلها من بين اللّغات العالمية.
جاء ذلك في جلسة بعنوان “البعد الحضاري والثقافي للتعدد اللغوي ومسؤولية المنظمات الدولية حيال ذلك”، شارك خلالها “مجمع اللغة العربية بالشارقة” في فعاليات مؤتمر “اللغة العربية في المنظمات الدولية” الذي نظّمه مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، يومي 6-7 ديسمبر الجاري بمدينة الرياض.
وشارك في الجلسة إلى جانب الدكتور امحمد صافي المستغانمي كل من الأستاذ الدكتور صالح الشويرخ، أستاذ اللغويات التطبيقية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والأستاذ الدكتور عبدالله البريدي، أستاذ السلوك التنظيمي بجامعة القصيم، والأستاذة الدكتورة ماريا أفينو، أستاذة اللغة العربية والآداب العربية بجامعة نابولي الشرقية، والأستاذة الدكتورة نبيلة يون، رئيسة قسم اللغة العربية بجامعة هانكوك للدراسات الإسلامية، وأدارها الأستاذ الدكتور صالح بن محمد السنيدي.
وقدّم المستغانمي، خلال الجلسة، إضاءات حول دور “مجمع اللغة العربية بالشارقة” في تمكين اللسان العربي، وأهم الإنجازات التي حققها، مشيراً إلى أن المجمع نجح في التنسيق بين المجامع اللغوية، وأسس مظلة مشتركة لدعم أعمالها وأنشطتها بهدف تعزيز اللغة العربية وحمايتها وترسيخ مكانتها بين اللغات العالمية، مستعرضاً جهود صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تبنّي ورعاية هذا المجمع منذ تأسيسه، بما يتماشى مع رؤيته الحضارية والفكرية.
وأشار المستغانمي إلى أن “المعجم التاريخي للغة العربية” يعدّ ضرورة حضارية تاريخية لغوية، والمشروع الثقافي الأضخم الذي يؤرّخ لألفاظ لغة الضاد وتحولّات استخدامها عبر أكثر من 17 قرناً، وأوضح أن الجهود لا تزال مستمرة لاستكمال الإنجاز الذي أنجز منه 36 مجلداً إلى الآن، بهدف تعزيز الاهتمام بقضايا اللغة العربية وتعريف الأجيال القادمة بتاريخ لغتهم الغنية وثقافتها الأصيلة. بدورهم، أشار المشاركون في الجلسة إلى أهمية التواصل الحضاري بين لغات العالم، مؤكدين أن الدعوة إلى حماية اللغة العربية لا تعني التخلي عن إتقان اللغات الأخرى، لافتين إلى أن إتقان لغتين يعني إدراك الآداب والفنون والثقافات المتنوعة التي تكتنز بها تلك اللغات. كما تحدث المشاركون حول رحلة الّلغة العربية عالميًّا، وتمكّنها من الحضور الكبير في الحضارات الأخرى، لما تمتلكه من كنوز معرفية أضاءت مكتبات العالم لقرون من الزمن، واستطاعت أن تمد حضارات العالم بمفاتيح الحداثة والتطور العلمي الذي لم تزل اللغة العربية راسخة فيه من خلال تجذر ألفاظها في مختلف اللغات العالمية حتى وقتنا الحاضر.
اقـرأ الـمـزيـداستضاف رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق
“مجمع اللغة العربية بالشارقة” يناقش تعزيز اللغة العربية لدى الطلاب في المدارس
نظّم “مجمع اللغة العربية بالشارقة”، بالتعاون مع “هيئة الشارقة للتعليم الخاص”، في مكتبة المجمع، جلسةً حواريةً ضمن فعاليات المجلس اللغوي التي تُنظّم شهريًا، استضاف خلالها الدكتور محمود أحمد السيد، وزير التربية والتعليم السوري الأسبق، رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق.
وجاءت الجلسة بعنوان “تعليم اللّغة العربية بين الواقع والمأمول .. كيف نمكّن للسان العربي لدى أبنائنا وبناتنا؟”، التي أدارها الباحث هشام سعيد، وتحدث في بدايتها الدكتور امحمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة، الذي عرّف الجمهور على جوانب من سيرة رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق، وجهوده اللغوية.
وحول أسباب ضعف تحصيل اللغة العربية لدى طلاب المدارس، أشار السيد إلى أن مؤشرات ذلك الضعف واضحة وتتمثل في كثرة الأخطاء النحوية والإملائية، وضعف مخزون الحفظ، وعدم تمثّل المهارات اللغوية، والإهمال والقصور لدى الطلاب في القراءة الحرة.
وأوضح أن بعض الباحثين أعادوا سبب ضعف التحصيل في اكتساب مهارات اللغة العربية في المدارس إلى تركيز المعلمين على تلقين الطلاب قواعد النحو، بينما يرى آخرون أن السبب يكمن في طرق تدريس النحو التي تتبع في معظمها الأسلوب القياسي من خلال سرد القواعد النحوية وضرب الأمثلة عليها بشواهد من النصوص العربية دون تعزيزها لدى الطلاب بالمهارات.
ورأى الدكتور محمود أحمد السيد أن عدّة عوامل تؤثر في مستوى اهتمام الطلاب وخاصة الأطفال باللغة العربية، أبرزها التربية التقليدية والمفاهيم السائدة التي تنظر إلى اللغة العربية بوصفها مجموعة أحكام، وتعتبر أن التمكّن منها يعني إتقانها، في حين أن إجادة وحفظ القواعد لا يكفي ما لم يتمكن الطالب من تطبيقها والمطالعة المستمرة للنصوص الأدبية الرفيعة التي تسهم في إنشاء الملكة اللغوية.
وشدد السيد على أهمية مراجعة مناهج تدريس اللغة العربية في المدارس وفق أبحاث علمية تنظر إلى الأولويات وتعيد ترتيب الأهداف التعليمية من منهج اللغة العربية، بحيث تصبح المعرفة في المقدمة، ويليها تكوين المهارات بالممارسة وتكرار الأمثلة على الطلاب لتعزيز حضور اللغة العربية وقواعدها في أذهانهم وزيادة الوعي بها.
وقال: “ينبغي للمناهج أن تُبنى في ضوء أبحاث علمية، وما يستخدم في الحياة بكثرة يعد أساسياً، ولابد من إعداد النشء لروح العصر”.
وأكد ضيف المجلس اللغوي الرابع لمجمع اللغة العربية بالشارقة على أهمية التركيز في المدارس على القضايا الجوهرية والوظيفية في اللغة العربية والابتعاد عن تعقيد أساليب تدريسها وعدم الانشغال بالمسائل الخلافية وتركها للأكاديميين والمختصين، وأن على معلمي اللغة العربية أن يتمثلوا الأهداف المرسومة لمختلف أقسام المنهج لترسيخ اللغة العربية في وعي الطلاب. وتناول رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق تنوع الرؤى التي تعرّف مفهوم اللغة وأوضح أنها تشمل الإشارات والإيماءات والحركة واللغة الشفاهية واللغة المكتوبة، وعرض شواهد من الشعر العربي تحكي عن الإيماءات والإشارات غير المنطوقة وكيف عبّر عنها الشعراء في قصائدهم.
اقـرأ الـمـزيـدمختصون وخبراء: المعجم التاريخي للغة العربية أكبر إنجاز ثقافي في القرن
“المعجم التاريخي أكبر إنجاز ثقافي في هذا القرن، واللغة العربية ما بعده لن تكون كما كانت قبله” بهذه العبارات المختصرة والجامعة، خَلُصت الجلسة الحوارية التي عقدها مجمع اللغة العربية بالشارقة ضمن فعاليات الدورة الأربعين من “معرض الشارقة الدولي للكتاب”، تحت عنوان “خصائص المعجم التاريخي ومميزاته”، واستضافت الأستاذ الدكتور عبد الستار الشيخ، مؤلف وخبير لغوي في المعجم التاريخي، والأستاذ الدكتور إدريس عتيه، أستاذ مشارك في الجامعة القاسمية في الشارقة، وأدارها الدكتور عيسى صالح الحمادي.
واعتبر الدكتور إدريس عتيه أن المعجم التاريخي يعدّ تحولاً حقيقياً في حياة اللغة العربية وإعادة تدوينها، مشيراً إلى أنّ هذا الإنجاز قد طال انتظاره، وإن تأخّر العرب في تحقيقه يعود لأسباب متعددة، أبرزها أن العرب كانوا سبّاقين إلى المعاجم العامة، ولذا فقد غاب المعجم التاريخي المتخصص حينها.
وقال: “اللغة العربية لغة هائلة من حيث العمر وعدد المفردات، وهذا يعدّ حائلاً كبيراً، حال دون إنجاز هذا المشروع سابقاً، إلى جانب أن اللغة العربية نشأت في أحضان البادية، ما جعل تقفّي مفرداتها ليس بالشيء اليسير، وأيضاً غياب الإرادة المؤسسية والجماعية، بالإضافة إلى جدار الهيبة والخوف من خوض هذا المشروع العملاق، وهو ما استطاع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن يحقق به إنجازاً كبيراً ورائعاً سيخدم لغتنا أيّما خدمة”.
وتوقف الدكتور إدريس عتيه عند المنهج الذي اعتمده المعجم في إنجاز أجزائه، بالقول: “هناك ثلاثة أركان أساسية لمنهج المعجم التاريخي، الركن الأول هو اللغة، والثاني هو الحضارة، والثالث هو التاريخ؛ فالمنهجية إذن تعتمد على مدوّنة غنيّة ومتنوعة من فسيفساء الثقافة والحضارة العربية وعلومها، إلى جانب العلوم الشرعية والعقلية والفلسفية، حتى بات معجماً إحيائياً من شأنه أن يحيي اللغة العربية”.
وحول إفادة القارئ من هذا المعجم التاريخي، قال الدكتور إدريس عتيه: “إن أول إفادة للقارئ تكمن في أن أية لغة لا يوجد لها معجم تاريخي هي لغة حلقاتها ليست موصولة، ولذا فإن الأهمية تكمن في أنّ الأكاديمي، والطالب، والمثقف، على حدّ سواء، سيجد في المعجم التاريخي ضالته، وهذا ما قاد إلى أن تصبح اللغة العربية لغة موسومة وموثّقة بفضل هذا المعجم”.
بدوره شدّد الدكتور عبد الستار الشيخ على أنّ المعجم التاريخي يتناول المصطلحات والمفردات العلمية والأدبية ومختلف الفنون والعلوم، وهذا من أبرز خصائصه، وقال: “المعجم يعتني بكل المصطلحات أيّما عناية، فالكلمة فيه لا تمرّ على مختص واحد فقط، إنما تمرّ على خمسة على الأقل، فيقوم المحرر بالتحرير، ليراجع خبير، تلي ذلك مرحلة التدقيق، ومن ثم لجنة علمية تراجع مرة أخرى، وصولاً إلى المراجعة النهائية، والهدف من وراء ذلك هو الوصول إلى أفضل النتائج”.
وأضاف د.عبد الستار الشيخ: “لقد رفع المعجم التاريخي من شأن اللّغة، ورفع وأكرم الأمة والعلماء، وقد بُني هذا المعجم على قواعد أساسية، فقد أغرق في الزمن القديم ما قبل التاريخ، وليس فقط ما قبل الإسلام، وتحديداً في النقوش والنظائر السامية التي وجدت، ومن ثم انتقل إلى عصر ما قبل الإسلام، فقد بنى المعجم التاريخي خطته ومنهجه الخاص، وسار عليه المحررون والخبراء والمراجعون وفق منهج حازم، وبعد ذلك انتقل إلى العصر الإسلامي بمختلف فتراته، وصولاً إلى العصر الحديث الذي يبدأ بالقرن الثامن عشر”. واختتم الدكتور عبد الستار الشيخ الجلسة بالتأكيد على أنّ العام القادم سيشهد إصدار المزيد من المجلدات، ليعدّ بذلك المعجم التاريخي أكبر إنجاز ثقافي في هذا القرن، والذي سيساهم في النهوض باللّغة العربية على مختلف الأصعدة.
اقـرأ الـمـزيـدتزامنا مع إطلاق مجلداته الـ 17 الأولى في “الشارقة الدولي للكتاب 40”
قالوا عن المعجم.. رؤساء مجامع اللغة العربية وعلماء يشيدون بمشروع “المعجم التاريخي للغة العربية” اعتبروه إنجازًا يخلد لغة الضاد ويحفظ مفردات قاموسها الثري
أكد رؤساء مجامع اللغة العربية وعلماء لغة الضاد من الوطن العربي القيمة العلمية التي يمثلها مشروع المعجم التّاريخي للغة العربيّة، الذي يشرف على إنجازه مجمع اللغة العربية بالشارقة، والذي أطلق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مجلداته الأولى خلال حفل افتتاح الدورة الـ40 من معرض الشارقة الدولي للكتاب في مركز إكسبو الشارقة.
وبيّنوا أن المعجم الذي يؤصل لتاريخ الألفاظ العربية وجذورها ومعانيها وتطور دلالاتها عبر العصور، يمثل مرجعاً غنياً يثري المكتبة اللغوية العربية ويفيد الطلاب والأكاديميين والدارسين، ويسهم في حفظ الذّاكرة اللغوية العربيّة من خلال التوثيق المنهجي للنصوص والأشعار والشواهد اعتمادًا على أهم المصادر والمراجع التي تكشف عن تاريخ اللغة العربيّة وقيمتها الحضارية عبر العصور.
وعبروا عن امتنانهم لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لاهتمامه بدعم هذا المشروع المعجمي الكبير، الذي يجسد رؤية وتوجه إمارة الشارقة نحو بناء مشروع حضاري يرتكز على حماية تراث اللغة العربية والجذور الثقافية لهوية الأمة.
الدكتور امحمد صافي المستغانمي: المنجزات العظيمة يقودُها العظماء
وحول صدور الأجزاء الـ17 الأولى من المعجم، قال الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربيّة بالشارقة، والمدير التنفيذي للمعجم التاريخي: “بعد جهد جهيد، وعملٍ منظّم رشيد، ها هي ذي الأجزاء الأولى من المعجم التاريخي تُطلُّ على العرب، وتُشرقُ على العالمين من الشارقة. إنّ المنجزات العظيمة يقودُها العظماء، وإنّ الجوائز السّنيّة تنالها العقولُ الذّكّيّة والكواهل القويّة والإرادات الفولاذيّة، وما نحن أمامه اليوم هو ترجمة لهذا الكلام”.
وأضاف الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة: “إنّ المتتبّع للشأن العربي بشكل عام، وللثقافة العربيّة بشكل خاص، يُدرك قيمة المشروع وعظمة المنجز، وأهميّة هذا المعجم. إنّه ليس معجماً عادياً يشرح ألفاظ اللغة العربيّة ويعطي أنواعاً من الأمثلة لتقريب معاني الألفاظ كما هو الشأن بالنسبة للمعاجم العامّة والمختصّة، وإنّما هو معجم يحفرُ في التاريخ، يُنقّبُ في ذاكرة الأمّة العربيّة الإسلاميّة، وينبش في التّراث العظيم الرّصين الذي جادت به العقول العربيّة. إنّ المعجم التّاريخي للغة العربيّة سِجِلٌّ حافلٌ بجميع مفردات اللغة – قدر المستطاع والجهد البشري- التي استعملها العرب قديمًا، ويستعملها الكتّاب والمثقفون والمتكلّمون باللسان العربي حديثاً. سِجِلٌّ يؤرّخ للفظ العربي منذ ما يزيد على سبعة عشر قرنًا من الزّمن، بل يتعرّض إلى ذكر النّظائر السّامية للّفظ العربيّ، وبيان كيفية وروده، وموضع وروده، بل ويبحث في النّقوش القديمة العادية والثموديّة والصفويّة الضاربة في أعماق التّاريخ، وفي النقوش التي كتبت بالمسند الجنوبي وغيرهم”.
وتابع المدير التنفيذي للمعجم التاريخي: “يحرص المعجم على جلب اللّفظ في سياقه الذي ورد فيه في عصر ما قبل الإسلام، أي على ألسنة الشعراء الجاهليين، مرورا بعصر التّنوير الحقيقي حيث استنارت المعمورة فيه بكلمة الله الخاتمة، حيث يتتبّع المحررون اللّفظ في النص القرآني المعجز، والحديث النّبويّ الشريف، مرورًا بالشعر الأموي، فالعباسي إلى العصر الحديث، يرصدون حركة الألفاظ وتطوّر المصطلحات وغير ذلك ممّا هو معروف ومعهود لدى أهل التّخصص من المعجميين واللسانيين. وعلى الرّغم من أنّ المقام ليس مخصّصا لشرح ماهية المعجم التاريخي، والأسس التي يقوم عليها، والخصائص والميزات التي تميّزه عن غيره من المعاجم إلاّ أنّ الإنصاف يدعو، والحقّ يقتضي أن تقال كلمة في كيفيّة صناعة هذا المولود العربي الذي هو اليوم مبعث سرور الكبير والصغير، والمثقف والعاميّ، والعالم والأكاديمي”.
وأضاف الدكتور المستغانمي: “نشير إلى أنّ المعجم التاريخي للغة العربية الذي نتحدّث عنه اليوم، هو نتاج عمل مُضنٍ منظّم دؤوب مشترك قام بين مؤسّستين: أولاهما اتّحاد المجامع اللغوية العلمية العربيّة الذي تنضوي تحته جميع المجامع اللغوية في وطننا العربي الفسيح، وهذا ما يمنح لهذا المنجز اللغوي قيمته ومصداقيّته العلمية والثقافيّة والشعوريّة، والمؤسسة الثانية هي مجمع اللغة العربية بالشارقة الذي يشرف عليه إشرافاً مباشراً تخطيطاً وتوجيهاً ورعايةً صاحب السمو الحاكم الثّقف، العالم المؤرّخ ذو التصانيف المتنوّعة، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي – حفظه الله تعالى ورعاه –”.
وأكد الدكتور المستغانمي: “ليس هذا الصّنيع بأوّل مفاخر الشارقة، ولا آخر إنجازاتها الفارقة السامقة الباسقة، إذ الكلّ يعلم، الغادي والبادي، والشارد والوارد، والقاصي والدّاني، والعربيّ والعجميّ، أنّ الشارقة إمارة الثقافة والمعرفة، وإمارة الشعر والمسرح، ودار الفنون، وموئل العلماء ومحجّة أهل الأدب، ومأوى الشعراء وأرباب البيان، وأنّ حاكمها صاحبُ مشروع حضاريّ ثقافي. منذ أن تولّى زمام أمور هذه الإمارة الباسمة أي قبل خمسين عاماً، آلى على نفسه أن يرفع لواء العلم، وراية الثقافة، وأن ينشر أعلام المعارف وأنواع الفنون في كل زاوية من زواياها، وكل ركن من أركانها؛ فأحسن الغرس، وأطاب الله الثمار فجاءت يانعة، حلوة المذاق، نضرة طريّة، بهيّة المنظر، تُدخل السرور إلى النّفوس، والبهجة إلى القلوب”.
وأضاف: “ليس ما ترونه بدعاً من الأمر، ولا ضرباً من المنتج العشوائي، ولا مبالغةً في القول، وإنّما دليل على العزم والإرادة والتّخطيط للسير بخطى وئيدة وثابتة في بناء حضارة المعرفة ودولة الثقافة، وقد نجح سلطان القاسمي ودخل القلوب بدون استئذان، ودخلت معه الثقافة في كل وجدان، وأصبح اسمه في العالمين العربي والإسلامي مرادفاً للثقافة والمعرفة، وحسبُه في صحيفة أعماله هذا، بعد إيمانه بالله ورسوله، ولا نزكّي على الله أحدًا، وإنّما هذا وصف لواقع، ونعتٌ لحاضر، وليس مَن رأى كمن سمع”.
الدكتور عبد الحميد مدكور: الجمع الأكبر في تاريخ اللغة العربية
وتأكيدا لأهمية مبادرة إمارة الشارقة وحاكمها المثقف برعاية إصدار المعجم التاريخي للغة العربية، قال الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية والعلمية، أمين عام مجمع اللغة العربية بالقاهرة: “ظَلَّ المَشْروعُ يُراوِح مَكانَهُ عَشرات السّنين، إلى أنْ امْتَدّت إليه همّةٌ عالِيَة وَإرادةٌ سامِيَة، وَيَدٌ سَخِيّةٌ سابِغَةُ الكرَمِ فَائِقَةُ الجودِ، وَهِيَ يَدُ الشّيخِ العالِمِ الدّكتور سلطان القاسِميّ -حفظَهُ اللهُ وَأَدامَ عزّهُ وفَضلهُ- الذي تَبَنّى هذا المَشروع الاستراتيجيّ لجَمْعِ اللغَة العَربيّة مِن كلّ مَصادرِ العلم العَرَبيّة الإسلامِيّة مُنْذُ جَمْعِها القديمِ إلى أَحْدَثِ ما تُنْتِجُهُ المطابع العربية من الشّعر والنّثر والآداب والفُنونِ والعلومِ، وهوَ -بهذا الشّمول- يُعَدُّ الجَمْعَ الأكْبرَ للغةِ العَربيّة في تاريخِها الطّويل العَريق، واقتَضى ذلك وَضَعَ مَنْهج دَقيق خَضَعَ لأكْبَرِ قَدْرٍ مِنَ التّمحيصِ والمراجعة، وَخَضَعَ لمناقَشاتٍ مُطوّلة حتّى اسْتَقرَّ أمْرُه، ثمّ تَكوّنت اللِّجانُ التي سَتَنْهضُ بتنفيذِهِ في عَدَدٍ منَ المَجامِعِ اللغويّة بإشرافِ اتّحادِ المَجامعِ اللغويّة العَربيّة. وانْضمَّ إلى هَذه اللجان ما يُقارِب ثَلاثمِئة مِن العُلماء والخُبراء والباحثين اللّغويين المُتخصّصين وكانَ لِمَجمَعِ الشّارقة -بِتَوجيه من صاحِب السّموّ الشّيخ الدّكتور سُلطان- جهوده المُوفّقة في الإدارة والإشْراف فَضْلًا عَن الإنْفاق الكريم”.
وأضاف الدكتور عبد الحميد مدكور: “ظهرت بواكير هذا العمل سامقة شامخة إلى الوجود في نوفمبر 2020 متمثلةً في ثمانٍ من المجلّدات في طبعة تجريبيّة خَضَعَت للتّمحيص والتّدقيق. وها هيَ تَخْرجُ إلى الوُجودِ في طَبْعَةٍ محقّقة مَصحوبَةً -في هذا العام (2021)- بثمانية أخرى[ZN1] ، والفضل -في هذا كلّه- لله تَعالى الذي هدى ووفّقَ وأعان، ثمّ لهذه الرّعاية الشّاملة للمُعْجَم من سموّ الشّيخ الدّكتور سلطان القاسمِيّ، ثُمَّ لجهود العُلماءِ والباحثين”.
الدكتور صلاح فضل: تصبح العربية مرة أخرى لغة العلم والفن والجمال
وحول القيمة التي يمثلها المعجم التاريخي للغة العربية، أشار الدكتور صلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، إلى أن هذا المشروع العملاق لا يقتصر على احتضان التراث ولا تحليل المراحل الماضية من تاريخ اللغة العربية، بقدر ما يضع الأسس المستقبلية لمتابعة هذا الجهد الجبار في ملاحقة التطورات التي تؤذن بها ثورة المعلومات لإثراء العربية بكل ثمار التطور الحضاري القادم، بالتعاون مع كل المجامع العربية في جهودها الحثيثة، بما يضع لغة الضاد في سباق مع لغات العالم الحيّة لتصبح مرة أخرى لغة العلم والفن والجمال.
وقال رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة: “إن هذا العمل كان يشغل فكر الرواد من كبار علماء العربية وآدابها منذ تسعين عاماً، حتى قيض الله لهذه الأمة من عقد العزم على رعاية إنجاز المعجم وحشد له طاقات العلماء من كل الأجيال والأقاليم العربية، فأحدث نقلة نوعية كبرى في العمل بتجاوز المرحلة اليدوية التي كان يتعثر فيها، وأفاد بالثورة الرقمية الحديثة فاختزل المراحل وظفرت العربية في وقت قياسي وبجهد أبناء الوطن كلهم بهذه المجلدات المحكمة من حلمهم القديم”.
الدكتور عبد الله الوشمي: المعجم يشكّل فتحاً عربياً نوعياً
أما الدكتور عبدالله الوشمي، الأمين العام لمجمع الملك سلمان، فأشار إلى أن المعاجم تمثل عقل الأمة ومخزنها العميق في الفكر والثقافة والنمو الاجتماعي، وذلك بما تملكه اللغة من عمق ورصد للحياة ومستجداتها، وقدرة على كشف ما ينبض به المجتمع والشعر والأمثال والحكم من مفردات ومعان.
وقال: “إن المعجم التاريخي للغة العربية يحقق حلماً تعايش معه اللغويون والمهتمون باللغة العربية زمناً طويلاً، حتى قيض الله له الرؤية الطموحة والوعي العميق، وذلك بجهود صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي، ليقود هذا المشروع العلمي الذي نهض إليه علماء وباحثون وفرق علمية، واستطاع برؤية رشيدة أن يرعى الخطة العلمية التي تصدّت لضخامة التأليف باللغة العربية، وتنوع مصادرها، وتفاوت الرؤى بين المؤسسات والفرق العلمية، إضافة إلى التكلفة المالية التي لا يقوم هذا المشروع وأمثاله إلا بها”.
وأكد الدكتورعبدالله الوشمي أن هذا المشروع القيم الذي يعد فتحاً عربياً نوعياً يضاف إلى الجهود النبيلة للمؤسسات والعلماء الذي يعملون في هذا الحقل، ويتواكب مع مجمل الجهود الكبرى التي تنهض بها الشارقة في كل حقل علمي ومجال معرفي، وهو الآن بحلته الجديدة وأجزائه الأولى يضع التحدي الكبير أمام العاملين فيه ليكملوا المسيرة، ويتعاظم الأثر، وتتوالى البرامج والأنشطة لنصل إلى الرؤية التي تتحقق فيها الآمال.
الدكتور محمد حسين آل ياسين: صورة متكاملة لحياة الكلمة
وبدوره قال محمد حسين آل ياسين، مدير المجمع العلمي العراقي: “تحقّق اليوم حلم الأُمة القديم المتجدّد بالمعجم التّاريخيّ للغة العربيّة، الذي انتظرته أجيال الباحثين وطُلاّب اللغة وشُداة العربيّة، ليسدَّ نقصًا جوهريًّا في المكتبة اللغويّة، ولم يسد هذا الفراغ المعجمي زمناً طويلًا، لصعوبة وضعه بجهد مؤلف واحد، بل يُعَسر وضعه بجهد مجموعة من المؤلفين، على الرغم من طول باع العرب في وضع المعجمات منذ عهدٍ مبكّر. وتعدّد مناهج هذه المعجمات في الجمع والترتيب والتبويب. حتى إنَّ معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (100-175هـ)، الذي هو أول المعجمات ظهورًا في العربيّة، كان -في الوقت نفسه- أول المعجمات في العالم، إذا أخذنا بالمعنى الإصطلاحيّ الدّقيق من حيث أن المعجم كتاب يتصدّى لإحصاء مفردات اللغة التي يوضع فيها، ولم يكن للأمم قبله معجم جامع لألفاظ لغاتها”.
وأضاف: “لم ينقطع الكلام على ضرورة العمل على وضع معجم تاريخيّ للعربيّة يُعنى بالرّصد الطّوليّ المتسلسل للاستعمال اللغويّ وكشف التّطور الدّلاليّ للكلمة عصرًا بعد عصر مستنِدًا إلى شواهد الشّعر والنّثر، ليضع أمام الباحثين صورةً متكاملة لحياة الكلمة منذ ولادتها حتى وصولها إلينا، واقفين على تطوّر الدّلالة وتنوّعها واختلافها وتضادّها أحيانًا، في كل مفردةٍ من مفردات عربيتنا الغنيَّة، ويتخلَّل ذلك كله اقتراح المنهج وترتيب المواد وتبويها وتقسيمها وكل ما يتّصل بعمل وضع المعجم وشؤون تصنيفه لدى الباحثين المتطلّعين إلى ظهور المعجم التّاريخيّ”.
وحول صدور الأجزاء الأولى من المعجم قال: “أما وقد ظهرت الأجزاءُ الأولى من المعجم المنتظر، الذي سيغيّر أشياء كثيرة في عالم الدّلالة، حين يقدّم لها المعنى الذي كانت تنصرف إليه الكلمة في أول إطلاقها وما طرأ عليه بعد ذلك الزّمن من تطوّر فباتت تنصرف إلى معنى جديد، وهكذا في مسيرتها التي تشير إلى أنها تدل على غير معناها المعروف اليوم وسوف تتغيّر آراء ومواقف واجتهادات واستنتاجات كانت قد بُنِيَت على أن المعنى واحد في الكلمة عبر العصور، ثم يتضّح الآن من المعجم التّاريخيّ أنها لم تكن كذلك حين نَطَقَ بها الشّاعر واستخدمها الخطيب أو الكاتب في عصره”.
الدكتور محمد السعودي: إسهام في نهضة اللغة العربية ومستقبلها
وحول الفائدة المرجوة من المعجم التاريخي للغة العربية، أكد الدكتور محمد السعودي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية الأردني، أن المعجم يساهم في نهضة العربية ومستقبلها، لجمعه بين الدّلالة المعجمية وتطوّرها على أزمنة متواصلة من مظانها، لكشف عمق ثقافة أمتنا وحضارتها، وأصالة اللفظة فيها وتدرجها، فهو ليس معجماً لغويًّا انتظرته الأجيال منذ فجر الأمّة فقط بل روح هذه الأمة ووجودها وغدها.
وقال: “ما كان لهذا العمل أن يكون بين أيدينا اليوم لولا قناعة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حفظه الله، بالمشاريع الثقافية والفكرية للأمة وأصالتها، وإيمانه بهذا الركن المتين في الحفاظ على لغة القرآن الكريم والحديث الشريف وحوسبتها في مستقبل الأيام ببرامج تنير دروبها الجديدة، ولا أنسى جهود اتّحاد المجامع العربية ومجمع اللغة العربية في الشارقة خاصّة، فالتقدير كله للقائمين على عمله من علماء وخبراء ومحررين وفنيين”.
الدكتور صالح بلعيد: الحُلم الذي أصبح حقيقةً
وبدوره أشاد الدكتور صالح بلعيد، المقرّر العامّ للفريق الجزائري في المعجم التّاريخي للّغة العربيّة بهذا الإنجاز، وتوجه بالشكر باسم الفريق الجزائريّ إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقال: “نرفع لشخصكم الكريم آيات العرفان والتّقدير لما تُقدّمونه للّغة العربيّة في جميع مجالاتها، ووجدناكم تحملون هموم الأمّة العربيّة بمكامن الاجتهاد لتمكين النّهوض من جديد، وبما تُولونه من تعاون وأفعال لنقلة حضاريّة عربيّة كبرى يشهد لها الجاحد، بلهَ الحديث عن المنصف النّزيه الذي لا يرى فيكم إلاّ باعث نهضة عربيّة بِوَسْم معاني العلميّة والرّجولة والشّهامة وخدمة الأمّة العربيّة في قضاياها المصيريّة، وأنتم الشّخص الذي اشترى وما باع، اشترى الحكمة من (آل القاسمي) فظهرت في حَكامتكم وحوْكمتكم وفي أصالتكم التي تغلّبت على التّحدّيات الكبرى؛ بتحويل الحُلم إلى مُنجز، وظهر ذلك في جملة مشاريع عربيّة كانت مُؤجّلةً مُعطّلة، ومن فضلكم وُلد الخير الذي يشهد على ميلاد العهد الجديد، من حاكم الشّارقة التّليد”.
وأضاف: “إنّ إنجاز المعجم التّاريخي للّغة العربيّة من الأولويات، وهو قاعدة اللزوميات، وبدونه لا يحصل لنا المقام، ونبقى نعيش في غير المحال، وتغيب عنّا أركان المعرفة التي تقوم على كتب الصّحاح، وفكر أستاذ فتّاح، وعقل عالم رجّاح، ومسيّر ناجح مفتاح، وكلّ هذا يأتي من منتجي الأفكار الذي يحتاجون إلى صاحب القرار. وها نحن في ذات الموقف الذي يحتاج إلى تعاضد أفكار المثقّف والمقرّر، ونحن نعيش منعطفات تاريخيّة قاسيّة إجباريّة لمواصلة الطّريق الذي صنعته أقدام السّابقين، وسننتصر برأس مالِنا؛ وهو العمل والإخلاص، سننجح بعظم هذا المنجز الحُلم الذي أصبح حقيقةً بفضل كلّ العلماء المثابرين المرابضين وراء النّبش والحفر في الماضي والحاضر لمعرفة المعنى، وتثبيت الرّواية، وتحقيق الشّاهد، ولا بدّ من مواصلة الدّرب، وخوض الصّعاب”.
الدكتور محمد شندول: المعجم هو مشروع القرن
أما الدكتور محمد شندول، رئيس لجان التحرير المعجمي التونسية، فأشار إلى أنّ صاحب السمو حاكم الشارقة، حفّز همم العلماء كي تضع العربية هذا الحَمْل الثقيل، فتكفَّلَ سنة 2006 بالإنفاق على هذا الحمل وجعل منه مشروع القرن، وأنْشَأ سنة 2016 مجمع اللغة العربية بالشارقة لمتابعة إنجاز المعجم، وأذن سنة 2019 بالشروع في التحرير بعد أنّ هيّأ لذلك كل الأسباب، فانطلقت لجان التحرير في العمل على إنجاز هذا المعجم الوليد الذي قلّ نظيره قيمةً وحجمًا وجمالَ إخراجٍ في العالم بأسره، حيث استعدّ له نخبة من العلماء والباحثين وحقّقوا ما طمح إليه المخلصون من أبناء الأمّه.
الدكتور الخليل النحوي: شمس اللغة العربية تشرق من الشارقة
وسجل الدكتور الخليل النحوي، رئيس مجلس اللسان بموريتانيا انطباعه بقوله: “إن شمس المعجم التاريخي للغة العربية أشرقت من سماء الشارقة، وها هي ذي ترتفع رويدًا رويدًا، بعد ليل طويل، لافتاً إلى أن رهان الشارقة الناجح على قدرات الأمة جعل المعجم مشروعاً قومياً شارك فيه باحثون ومحققون ومدققون من كافة الأقطار العربية، لترتق المنفتق في الزمان وتصل المنفصل في المكان”. وقال إن المعجم التاريخي لسيدة اللغات عتاقة وعراقة وسموا وامتدادا كان مجرد فكرة حالمة، لم تكد تتنزل في الطروس إلا قليلاً، حتى قيض اللـه لها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
الدكتور محمود أحمد السيد: المعجم يسد فراغاَ كبيراً في صرح ثقافتنا العربية
وبدوره أوضح الدكتور محمود أحمد السيد، نائب رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق، أن في محتوى المعجم التاريخي للغة العربية إحياء لمفرداتها ومعانيها، ودقة في التعبير عن تبيان مسيرة بنات أفكارها وهي تنتقل من عصرٍ إلى آخر، واستشهاد بدرر ما ورد في القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وفي الأدب شعره ونثره.
ولفت إلى أن أنظار المجامع العلمية اللغوية اتجهت إلى ولادة هذا المشروع الرائد الذي يسد فراغاَ كبيراً في صرح ثقافتنا العربية ولغتها الموحِّدة والموحَّدة، وأن هذا المشروع لم يكن ليرى النور لولا الهمة العالية التي تحلى بها حاكم الشارقة المثقف الذي صمم على إنفاذ ما عهدت أمته إليه إشرافاً وتنفيذاً وإخراجاً.
الدكتور عبد الفتاح الحجمري: المعجم التاريخي يرسمُ سبيلاً قَويماً لمعرفة مُستقبل العربية
فيما قال الدكتور عبد الفتاح الحجمري، مدير مكتب تنسيق التعريب (الألكسو) إن الحاجة إلى استكمال إعداد المعجم التاريخي للغة العربية بإشراف مجمع اللغة العربية بالشارقة، وتحت مظلة اتّحاد المجامع اللغوية العربية، يكتسب الأهمية، لأن هذا المعجم لا يعرف بماضي العربية وذخيرتها اللغوية فَحسب، وإنما يعد سبيلاً قَويماً لمعرفة مُستقبل نموّها وتطورها، لأن اللغة التي لا تَتطور تصبح وشِيكة من الموت والاندثار.
المدير العلمي للمشروع الأستاذ الدكتور مأمون وجيه: مشروع يكشف النقاب عن شجرة النسب اللغوية
وأكد الباحث مأمون وجيه، المدير العلمي للمعجم التاريخي للغة العربية، أن المعجم مشروع لغوي حضاري انطلق قطار العمل فيه دون توقف، وأن الاحتفاء بقطوف هذا الإنجاز يتمثل في إصدار بواكير الطبعة الأولى لهذا السجل اللغوي الفريد الذي يحكي قصة اللغة، ويؤرخ ميلاد مفرداتها، ويكشف النقاب عن شجرة النسب اللغوية لكل كلمة مُـفَسِّـرًا ما طرأ من تغييرات لغوية اقتضت تطور الأصول وتفرعها عبر العصور.
وأوضح أن ظهور بواكير الطبعة الأولى من المعجم يبقيه محفورًا في ذاكرة أمتنا ومنقوشًا في سجل خالدات مآثرها شاهدًا على إبداع العقل العربي وتميزه وتألقه في الصنعة المعجمية، وأن هذا الإنجاز العبقري سيبقى أبد الآباد مَـعْلَمًا من معالم التاريخ العربي، وواسِـطَةَ عقدِ فرائده اللغوية، وترنيمةً ملحمية أبدية سينشدها الدهر، وتتلوها الليالي والأيام، وتتفاخر بها الأجيال.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد:
فأحمد الله تعالى وأشكر فضله أن هيأ لي أن أحظى باللقاء الطيب الذي جمع حضرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو الاتحاد وحاكم الشارقة حفظه الله بالعلماء رؤساء المجامع اللغوية العربية والمراكز البحثية في دارته العامرة في صباح يوم الثلاثاء الثاني من شهر نوفمبر ٢٠٢١ بمناسبة الاحتفاء بإطلاق سبعة عشر مجلدا من المعجم التاريخي للغة العربية بالتزامن مع افتتاح معرض الشارقة للكتاب.
وقد تحقق هذا الإنجاز الرائد تحت رعايته الكريمة وتمويله السخي .
وما كان لهذا العمل أن ينجز لولا الإرادة القوية، والعزيمة الصادقة، والرؤية الثاقبة ، والإخلاص والتجرد الذي عرف به سموه.
وقد مكن مشروع المعجم التاريخي من توحيد المشاعر في العالم العربي، وتكوين جيل من المعجميين المتميزين ؛ من خلال التلاقي والتكامل بين العاملين في لجانه من المحررين والخبراء ومقرري اللجان والمقررين العامين تحت رعاية اتحاد المجامع اللغوية العربية في القاهرة الذي تولى الجانب العلمي، ومجمع اللغة العربية في الشارقة الذي عهد إليه بالجانب التنفيذي. وقد تصدي للاعمال الإدارية والمالية بكفاية واقتدار مما مكن من إخراج هذا العدد من المجلدات في أقل من عامين على نحو رائع ودقيق من التحرير والمراجعة والتنسيق والطباعة والإخراج المتميز.
إن هذا الإنجاز سيسطره التاريخ لصاحب السمو ويخلده على مر الأجيال ولكل من أسهم فيه، ونرجو من الله أن يتقبله، ويعلي به الدرجات في الآخرة.
إن هذا المنجز العلمي المبارك سيفتح آفاقا واسعة للباحثين وطلاب الدراسات العليا ومحبي اللغة العربية والمقبلين على تعلمها .وسنعمل بعون الله على توجيه طلاب الماجستير والدكتوراه وغيرهم في السودان للإقبال على مادته البكر ومعينه الثر في أطروحاتهم وأبحاثهم العلمية.
ويسرني في ختام هذه الكلمة أن أزجي التهاني الحارة إلى صاحب السمو حفظه وأكررها باسم مجمع اللغة العربية السوداني والشعب السوداني الشقيق وسيكون هذا الإنجاز مكرمة تضاف إلى الأعمال الجليلة و الأيادي البيضاء لسموه في شتى أنحاء العالم.
ولا يفوتني كذلك أن أهنئ العاملين في لجان المعجم التاريخي في السودان خاصة وفي الأقطار العربية عامة على ثمرة جهودهم ومثابرتهم ليرى هذا العمل النور ،ويخرج بهذه الصورة البهية التي تستدعي التوجه بالشكر لله الذي وفق وأعان وسد الخطى.
والله المستعان في البدء والختام.
الدكتور عيسى الحمادي: مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة
اختار الله مطلع المعجم التاريخي أن يكون من الشارقة؛ ليلقي بضياء حروفه ومعانيه اللامعة على أرجاء العالم العربي من أول مطلع له، فمنذ زمن ونحن في لهفةٍ إلى ميلاد المعجم التاريخي الذي يُعد أبرز قضايا اللغة العربية العالقة في الوقت المعاصر؛ لكن هذا المعجم بقي مُنتظرًا يترقَّب من يرفع رايته خفاقةً، ويُحقق غايته العظمى، فيسطر مجدًا جديدًا وعظيمًا في تاريخ اللغة العربية العظمى للأمة العربية والإسلامية، إلا أنَّ تلك الظروف وهذا التوقف شاءه الله أن يُرجأَ كي يضعه بين يدي من اصطفاه لقيادة إنجازه، وهو أحد أبناء العربية المخلصين لحروفها، ومن صفوة المعتزين بعظمتها، وهو العالم الجليل والحاكم الحكيم صاحب السمو الوالد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة -يحفظه الله ويرعاه- سليل الأمجاد العربية والتاريخ الأصيل، الذي احتضن الفكرة ورعاها بإلهامه، وسقاها من عطائه، وقاد المجامع اللغوية بتوجيهاته، بل أولى فكرة المعجم التاريخي جُلَّ اهتمامه، حتى أصبح إنجازه هاجسًا يراوده في ليله ونهاره، لايُغادر فكره لحظة؛ وذلك حال المخلصين.
وبهذه المناسبة اللغوية العظمى؛ فإننا نزفُّ بشرى مولود لغوي جديد وهو المعجم التاريخي من شارقة العلم والثقافة والعربية، والذي سيظل عبر التاريخ مرجعًا رصينًا وأصيلًا للعربية، فلن يخلو بحث أو دراسة أو مقال إلا وللمعجم التاريخي له فيه حظٌ ومرجعٌ، بل سيبقى موردًا للعالم العربي والإسلامي ينهل منه الطلبة والأكاديميون والباحثون في جميع التخصصات والمجالات ولكن بألفاظ مدققة ومعاني مؤرخة وشواهد مبرهنة، فلله درك يا شارقة المعجم التاريخي بهذا الإنجاز اللغوي العظيم، وليكتب التاريخ اليوم شرف السبق في رعايته وإنجازه لسلطان الشارقة، الذي يسبغ على العلم والعربية والثقافة عطاء الواثق بالله المتوكل عليه:
يا حاتِمَ الجُودِ مَهْلًا في العَطَاءِ فَلَو كانَ العَطَاءُ كِتَابًا فَسُلْطَانُ عُنْوانُه
يُعْطِي عَطاءِ الذي لايَخْشَى فَاقتَهَ أَكْرِمْ بِواثِقٍ بِفَضْلِ اللهِ سُبْحَانَـــــــــــــــــه