مجمع الملك سلمان للغة العربية.. قرارٌ راشد وفاتحة عصرٍ واعد للغة الضّاد
المجمع ليس بدعة في دنيا مشروعات المملكة اللغوية العظمى
إنّ البصمات الكُبرى والقرارات العُظمى يكتبُها العظماء بحروفٍ من ذهبٍ على صفحات المجد، ويذكرُها التّاريخ أبدَ الآبدين، وتجني ثمارها الأجيال، وإنّ القرار الملَكيّ السّامي بإنشاء مجمع الملك سلمان العالمي لخدمة اللغة العربيّة خُطوةٌ وثّابةٌ لمستقبل اللغة العربيّة المشرق في دنيا تتلاطمُ فيها أمواج اللغات الأجنبيّة العاتية.
لقد وُلِدَ هذا المجمعُ عظيماً ليُؤدِّيَ رسالةً عُظمى، ويُبلّغَ أمانةً كُبرى، ويُدرِكَ قمّةً قعساء في أرضٍ هي مهدُ العروبة والإسلام، وإذا كانت الكائناتُ الحيّة تمرُّ بمراحل الولادة فالفطام فالصّبا فالشّباب فالكهولة ثُمّ الشّيخوخة؛ فإنّ المشروعات الإنسانيّة الحيويّة الكُبرى التي تبني الإنسان، وتُشيّدُ القيم، وتُحافظُ على ثوابت الأمّة ومقوّماتها، وتحمي ذاكرة الشّعوب، تُولَدُ عظيمةً كبيرةً بالأهداف المنوطة بها، والأغراض السّامية التي تُخطّطُ لتنفيذها، ومن هذه المشروعات المؤثّرة مجمع الملك سلمان العالمي.
إنّ العالَميّة مَلْمحٌ مُميّزٌ، وخطٌّ أصيلٌ بارزٌ جميلٌ وضّاءٌ يُزيّنُ جبينَ هذا المجمع المبارك ويُجلّيه للنّاظرين، واللغة العربيّة بموروثها الحضاري العظيم، وتَرِكَتِها الثقافيّة المتنوّعة الزّاخرة بالأدبٍ الرّصين، والحافلة بالشّعرٍ العذبٍ الزّلال، والمُترعة بالخُطَبٍ الجزلة القويّة، والمُزيّنة بالرّسائل الفنّيّة التي هزّت وجدان القارئين في أحقابٍ من التّاريخ، والمُزخرفة بالوصايا التي أدّبت الأجيال، والفلسفة الأصيلة البانية، والحِكمٍ البالغة، والفقه الرّشيد، والفتوحات العلميّة في شتى الفنون والمجالات، قلت: إنّ لغةً تحوي في بطونها ملايين العناوين ممّا جادت به قرائحُ العلماء، واهتزّت به صُنوجُ الشّعراء، وغنّته حناجرُ الرّجّازين، وتفنّنت في تلحينه مهاراتُ الحُداة المنشدين في كل شبرٍ من الأرض العربيّة الطيّبة لجديرةٌ بأنْ يُقيّضَ الله العليم الحكيم لها مَنْ يخدمها عالميّاً، ويُذلّل الصعاب أمام مَنْ يتعلّمها، ويمهّدُ السّبل أمام مُحبّيها وعاشقيها والمتواصلين بها، وها هو ذا مجمع الملك سلمان العالمي يلبّي خدماتها عالميّا، ويرفع عقيرته في دنيا الإعلام والثقافة واللغات والمحافل والمجامع. نحن للعربيّة حُماتُها الأشاوس، وعن حماها كُماتُها المُنافحون، وعن عرينها ذائدون، ولَنَبْذُلُنَّ الوُسْعَ، ولنُضَحُنَّ في سبيل تعليمها وتيسيرها ونشرها بالغالي والنّفيس.
إنّ اللغة الحسناءَ، والعربية الغيداء تستحقُّ من يُغالي في مهرها، ومن يُعرّفُ بشأنها، ويُذلّلُ لها الطّريق في دنيا اللغات العالميّة واللهجات العاميّة التي ذاعت وشاعت مُتّكئةً على أنواع التّجارات، وشتى أصناف المنافع الدّنيوية في أسواق المال والأعمال. إنّ المقوّمات التي تمتلكها اللغة العربيّة الشريفة، والتّقنيات التي تحتويها، والجماليّات التي تتفرّدُ بها والخصائص التي تنمازُ بها عن أخواتها السّاميّات وشقيقاتها اللاتينيّات لجديرةٌ أن يقف عندها الواصفون، وقمِنةٌ بأن ينحني في محرابها هُواةُ الأدب وعُشّاق الفصاحات، وشُداةُ البلاغات.
العربيّةُ تحتاجُ إلى من يُعرّفُ بها فقط، ولا تحتاج إلى من يُزكّيها فعِطرُها الورديّ المسكيّ وأريجُها الفوّاحُ الزّكيُّ يسبقها بالأميال، وينتشرُ في العمران والصّحارى والسّهول والحزون والبوادي دون استئذان، ولا تحتاج إلى من يُجمّلُها أو يُزيّنُها بالمساحيق المصطنعة لأنّ قسمات وجهها وبريقَ عَيْنَيْها ونصاعةَ جبينها، وتورُّدَ خدَّيْها وبهاءَ طلعتها ورشاقة قدّها، كلُّ أولئك من صفاتها ونعوتها يبهرُ المُطالعين ويسُرُّ النّاظرين ويفتنُ أولي النّهى والحجى.
أقول إنّ العالميّة صفةٌ ذاتيّةٌ في العربيّة، وإذا جاء مجمع الملك سلمان يُنادي بالعالميّة فبالأصل نادى، وإلى الأرومة تعصّب، وإلى طيب النّحيزة أوى، وما جاء على الأصل فلا يُسألُ عنه. ومن المنتظر أن تُقامَ جسورٌ بين أبناء العربيّة في كل مكان. إنّ العربيّة رَحِمٌ تجمعُ بين أبنائها، وآصرةٌ قويّةٌ ووشيجةُ قُربى تُوحّدُ بين أنسبائها وأصهارها، وما أكثر المشروعات اللغوية التي تفيض بها عقول المبدعين هنا وهناك في أطراف الغبراء، ولا يسمع عنها المتخصصون فضلاً عن عامّة النّاس.
وما أكثر الإمكانات التي يجودُ بها العالم العربيّ فقهاً بالعربيّة، ودرايةً بشؤونها، وإبداعاً في تعلّمها وتعليمها، ولا يعرف عنها الآخرون شيئاً. يحتاج العرب إلى حُسن التّسويق للغتهم، وجودة التّعريف بها، والتّرويج لأساليبها، وإتقان فنّ تقديمها للآخرين. وفي هذا البحر العظيم، تصبُّ عالميّة مجمع الملك سلمان – حفظه الله ورعاه -، ووفّقه وسدّد خطاه في سبيل نفع العربيّة وأبناء العربيّة.
قد يقول قائلٌ: ما أكثر المجامع اللغوية اليوم! ونقول له: ما أكثر قضايا العربيّة في دنيا النّاس! وهل يستطيعُ مجمعٌ مهما ضمّ بين جنباته من علماء جهابذة ومُفلقين مصاقعة من حُماة الضاد المتقنين الخِرّتين المَهَرة العارفين بأوابدها وشواردها المحبّين لنشرها وتعليمها وتيسير قضاياها للعالمين. هل يسْطيعُ مجمعٌ أو مجمعان أن يفعلا ذلك في عالم تتكالبُ فيه الأمم في رهان الحضارات، وتتسابقُ فيه الشعوب في ميادين الانتشار والذّيوع والهيمنة وبسط النّفوذ؟ أوَ يستطيع مجمعٌ أو مركزٌ لغوي هنا أو هناك أن يُترجم ما تفرزه عقول بني الإنسان اليوم؟ أوَ يقدرُ مجمعٌ أو محفلٌ لغوي في هذه الدّولة أو تلك أن يكفي شعوب العربيّة ومُحبّيها ويُلبّيَ طلبات الرّاغبين في تعلّمها في جميع شؤونهم التّعلّميّة والتّواصليّة والإعلاميّة؟ الجواب قطعاً: لا.
إنّ للمجامع اللغوية أدواراً لا يُنكرُها إلا العاشُون الأعْشَوْنَ، ولا يجحدُها إلا المُبغضون الشّانئون للغة الضاد. وحين تسْطعُ شمسُ مجمع ينافح عن لغة الضّاد في أيّ مَرْبَعٍ من العالم، فإنّ ردّ الفعل الطبيعي عند العربي الأصيل أن يُرحّب ويبارك، ويُثَمّنَ ويُفاخر، وأن يجتهد في إسداء النّصح للموجّهين والمسؤولين، وبتآزر الجهود وتعاضد القوى فإنّ المشروعات تؤتي ثمارها، وينفع جناها.
إنّ أصحاب البحوث اللغوية العلميّة الجادّة ينتظرون بشَغَفٍ وحبٍّ فيّاض مثل هذه المراكز النورانيّة والمحافل التّبصيريّة التي تحتفي بأهل العلم وآل الآداب وشُداة الفنون، وإنّ المشروعات العلميّة تحتاج إلى بيئات ثقافيّة متطوّرة صالحة للبحث، مُشجّعة للإنتاج، مُحفّزة للتّنقيب في شؤون هذه اللغة المعطاءة المثراءة الخصبة الولود، ولا يخفى، وهذا من باب التّذكير بالبدهيّات، على أولي النّهى وأرباب الفكر السّديد والرأي الرّشيد أنّ الإنتاج المعرفيَّ يتطوّرُ حين تنتشر اللغة السليمة بين أبنائها، والعكس صحيح حيث إنّ التّطور العلميّ والتّقدّم الحضاريّ يساعدان على نشر الذّوق اللغوي السليم، وينمّيان الذائقة المجتمعيّة العامّة، والشعوب تعيش أزهى أيّامها، وتحتفلُ بأروع فتراتها وعهودها حين يزدهر الأدب، وتشيع الثقافة، وتروج عطور المعارف في الربوع والمغاني والرّحاب.
والإنسان بفطرته مؤثّرٌ ومتأثّر، والذي لا يتأثّرُ هو من جلمود الصّخر أقسى، ومن شديد الحَجَر أعتى، واللغة وسيلة التأثير، وجسر التّواصل بين أبناء الأمّة الواحدة، ومَعْبَرُ التّحاور بين الشعوب والأمم، والعرب إذا أرادوا أن يفيقوا من غفوتهم اللغويّة، ويَصْحوا من سُباتهم اللساني، ويهبّوا إلى رسالتهم المباركة فعليهم أن يسْتمسكوا بحبل اللغة الغرّاء التي لا يُدانيها في الأكوان لسان، ولا يُشاكلُها بيانٌ، ولا تُضاهيها في دنيا العالمين قديماً وحديثاً لغةٌ من اللغات ولا لهجة من اللهجات.
إنّ العربيّة ليست لغةً للتواصل وحسب، وإنّما هي منظومةٌ للتّعبير، ووسيلة للتأثير، وآلةٌ للتّمكين، وبوصلةٌ للتّوجيه، وخزّانٌ مليءٌ بالقيم، وسِجِلٌّ حافلٌ بالمبادئ، وقِرْطاسٌ مُترَعٌ بالتّوجيهات النّاصحة والحكم البالغة التي تصنع الإنسان وتبارك عمره وتزكّيه.
وغيرُ خافٍ أيضاً على أهل الثقافة وبُناة المعرفة أنّ ألفاظ الحضارة وأسماء المخترعات ومصطلحات الانفجار التكنولوجي الحديث لا بدّ لها من قوالبَ لغويّة سليمة تحملُها، ولا بدَّ لها من صيغٍ وأبنية تكون عنواناً عليها. فمَنْ ذا يصنعها؟ ومن ذا يخترعها ويُبدعُها؟ ومن ذا يُبديها للعالمين ويقدّمها للقارئين والمتكلّمين إذا لم تنصهرْ مادّتها وتُطبَخْ في محاضن المجامع اللغوية؟
إنّ رسالة المجامع اللغوية العربيّة العلمية شريفةٌ شَرَفَ هذه اللغة المباركة، وكريمةٌ كَرَمَ الأصل العربي النقيّ، وضرورتها من ضرورة العيش الحضاري والتّطوّر التكنولوجي، واللغة التي لا تتجدّدُ ولا تزدهر فإنّها لا محالة تتقهقر وتندثر، ويُكبّرُ عليها أبناؤها وأعداؤها أربع تكبيرات، ويُحنّطونها في مدافن اللغات واللهجات البائدة، والعربيّةُ ليست من اللغات التي تموت، كيف وروح الحياة تسري في كيانها، ودماءُ البهجة والازدهار تجري في عروقها؟ كيف وقد وَسِعت كتاب الله لفظاً وغاية، فكيفَ تضيق اليوم عن مصطلحات ومخترعات؟
إنّني من آصرة العروبة التي تجمعني بكل العرب، ومن وشيجة الإسلام التي تربطني بجميع المسلمين، وتمثيلاً لمجمع اللغة العربية بالشارقة، أرفعُ التبريكات العطرة، وأزج التّحيات الصادقة من صاحب السّمو حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي إلى أخيه ملك المملكة العربية السعودية المبجّل الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله تعالى -، وإلى وليّ عهده الأمين، ونبارك لجميع أبناء المملكة الأشقاء في كل شبر من ربوعها الطاهرة المقدّسة بهذا المولود السعيد الميمون المبارك الذي جاء يخدم العربية في منبتها الأصيل، في حجازها ونجدها وتهامتها، وجميع ربوعها، وفي أقطار العالم جميعاً.
وليس هذا المحفل اللغوي ببدع في دنيا المشروعات العظمى، فلطالما احتفلت المملكة بالمؤسسات اللغوية والمنارات التربوية والأكاديميات العلميّة، والصّروح المعرفيّة، وهي يوماً بعد يوم تُسطّرُ ملاحم البناء وإلياذات التّشييد، وتعزفُ سمفونيّات التعمير من أجل بناء الرجل الصالح والمواطن المثقف والعربي الشهم الأبي.
اضغط هنا لقراءة الخبر من المصدر
اقـرأ الـمـزيـدانطلاق الموقع الإلكتروني لجائزة الألكسو-الشارقة للدراسات اللغوية والمعجمية
تعلن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) ومجمع اللغة العربية بالشارقة عن انطلاق الموقع الإلكتروني لجائـزة الألكسو – الشارقة للدراسات اللغوية والمعجمية، لتقديم طلبات الترشّح من خلاله.
لتصفح موقع الجائزة يرجى الضغط على الرابط الآتي:
https://alecso-sharjah.shj.ae/ar/home.aspx
لقراءة تفاصيل أكثر عن الجائزة يرجى الضغط هنا.
اقـرأ الـمـزيـد
مجمع اللغة العربية بالشارقة يوقع اتفاقية لإنشاء مركز أكاديمي في جامعة زغرب
بتوجيهات ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وضمن الجهود الرامية إلى دفع الحركة العلمية والبحثية باللغة العربية على المستويين الإقليمي والدولي، وقَّع مجمع اللغة العربية بالشارقة، اتفاقية تعاون مع جامعة زغرب الوطنية في الجمهورية الكرواتية، تنص على إنشاء قسم للغة العربية والحضارة الإسلامية في الجامعة.
وتأتي مبادرة المجمع الذي أنشئ في العام 2016 بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، بهدف تقديم العون لأبناء الأقليّة المسلمة المهتمة باللغة العربية، وتلبية لتطلّعات عدد كبير من الطلاب المسلمين، وغير المسلمين الذين يرغبون في مواصلة دراساتهم الجامعية في حقل اللغة العربية، والحضارة الإسلامية.
شهد توقيع الاتفاقية من جانب المجمع كل من: الأمين العام للمجمع الدكتور محمد صافي المستغانمي، ومحمد خلف المدير العام لمؤسسة الشارقة للإعلام، ومسؤول العلاقات العامة في المجمع، حيث كان باستقبالهم كبار المسؤولين والأكاديميين في الجامعة، يتقدّمهم الأستاذ الدكتور. دامير بوراس مدير الجامعة، وفيسنا فلاهوفيتش ستيتش عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بحضور عدد من الأساتذة الأكاديميين والإداريين.
وناقش الطرفان خلال جولة، تعرف فيها وفد المجمع على مرافق الجامعة وجهودها الأكاديمية على المستوى البحثي والعلمي، الإجراءات والمراحل المتعلقة بإنشاء قسم اللغة العربية والحضارة الإسلامية، والرؤى والاستراتيجيات التي ينطلق منها، متوقفين عند أهمية مثل هذه العلاقات من التعاون، والانفتاح على الثقافة العربية والإسلامية.
وأوضح مدير الجامعة الدكتور. دامير بوراس أنّه يأمل نجاح تجربة القسم في تخريج دفعات من الطلاب الحائزين على درجة البكالوريوس، مشيراً إلى أن الجامعة ستتولى بعد ذلك فتح برنامج جديد للدراسات العليا؛ (الماجستير والدكتوراه) في حقل دراسة العربية أسوة باللغات الأجنبية مثل الألمانية، والإنجليزية والفرنسية، والتركية، وغيرها.
بدوره قدم محمد خلف، المدير العام لمؤسسة الشارقة للإعلام، وبالنيابة عن صاحب السمو حاكم الشارقة، درعاً تذكارية لمدير جامعة زغرب، تعبيراً عن حجم العلاقات والروابط التي تعزز أسس العمل بين المجمع والجامعة.
وزار وفد المجمع خلال جولته على أبرز المعالم الأكاديمية والثقافية في العاصمة الكرواتية؛ زغرب، المركز الإسلامي الذي أنشئ بمكرمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، حيث استقبلهم ممثلو المركز، وعبروا عن امتنانهم لجهود صاحب السمو حاكم الشارقة.
وأشاد مفتي كرواتيا الدكتور عزيز حسانوفيتش بالدور الحضاري والثقافي الذي تقوم به الشارقة على المستويين العربي والعالمي، مشيراً إلى أهمية وتأثير مبادرات من نوع وحجم إنشاء مركز إسلامي، وقسم لدراسة اللغة العربية، وسواها من الجهود.
اقـرأ الـمـزيـد
ولي عهد الشارقة يشهد افتتاح مؤتمر اللغة العربية الدولي الثالث بالشارقة 2018
اقـرأ الـمـزيـد
كلمة صاحب السمو سلطان القاسمي الموجّهة إلى مجلس اللسان العربي بموريتانيا
"الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، الدكتور محمد صافي المستغانمي يلقي كلمة صاحب السمو"
بسم الله الرّحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين.
أصحاب السعادة، معالي الوزراء…
أهل الفضل والعلم علماء ورؤساء المجامع اللغوية والعلميّة،
الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أوّلا: أتوجّه بالشّكر الجزيل إلى دولة موريتانيا الشّقيقة حكومة وشعبا على حسن صنيعهم باستضافة هذا الحدث اللغوي الهام، وأثمّنُ كلَّ ما قدّمتم وتقدّمون في سبيل العلم عموما، وفي سبيل اللغة العربيّة خصوصا. وإنّها لمناسبةٌ مباركةٌ ميمونةٌ سارّةٌ أن يجتمع هذا الجمع الكريم من العلماء واللّغويين والأكاديميين، وأهل الفضل والنّبل على غاية مثل غايتنا التي حقّقنا جانبا منها اليوم، ألا وهو الافتتاح الرّسمي لمجلس اللّسان العربي بنواكشط ليلتحق بركب المجامع اللغويّة والعلميّة.
قلت: حقّقنا اليوم الخطوة الأولى في سبيل هذا المجمع، والخطوات التّالية تحتاج إلى جدّ واجتهاد وتشمير عن سواعد المثابرة، وفتح لأبواب المبادرة أمام جميع الباحثين والأكاديميين وأهل الإبداع.
أعلمُ – كما تعلمون – أنّ المجامع اللغوية كثيرة ومنتشرة في أغلب البلاد العربيّة، ولكنَّ العبرة ليست بكثرة الأعداد، وإنّما العبرة بالنّتائج والمُخرجات. ماذا قدّمنا للغتنا في الماضي؟ وماذا نُخطّطُ اليوم للنّهضة بها في الأيّام الرّاهنة وفي المستقبل؟
إنّي، أيّها الإخوة الكرام، أضمّ صوتي إلى أصواتكم جميعا، وأُشجّعكم على الأعمال والأنشطة التي تعود بالنّفع على انتشار لغتنا العربية، وتعميم استعمالها، والمحافظة على صفائها وعلوّها وسعتها وثرائها، وتشجيع الإبداع بها. هذه اللغة التي اصطفاها العليم الحكيم لحمل كتابه، ولها من الخصائص والمميّزات ما يجعلُها تتربّعُ فوق عرش اللّغات العالميّة، ولولا ما تتمتّعُ به من خصائص، وما تزدهي به من مزايا، وما يزيّن جيدها من إمكانات ومهارات ما جعلها الله جلّ ثناؤه وعاء لكلمته الأخيرة للبشريّة جمعاء، وعاء للقرآن المعجز الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه.
تُرى ما الذي يتوجّب أن نقوم به تُجاه هذه اللغة العظيمة؟ ما الذي تطلبُهُ منّا وتقتضيه منّا – ونحن أهل الفكر والعلم وأصحاب التّوجيه وأولو النُّهى والحِجى-؟
الجواب يعرفه الجميع، ولكن يحتاج إلى شجاعة أدبيّة، ويحتاج إلى عزم وحزم وتجلّد وصبر؛ لأنّ سبيل تحقيق ما تريد هذه اللغة منّا طويلٌ وشاقّ، والعوائق كثيرة، والمزالقُ متنوّعة، والجوّ العام تكسوه غيوم، وتُلبّدُهُ غياهب هنا وهناك.
إنّ الذي يتوجّبُ علينا فعله: هو أن نُحسن التّخطيط لهذه اللغة، أن نحسن اتّخاذ القرارات الصّحيحة والصّائبة التي تجعل الأجيال الحاضرة، وأجيال المستقبل التي تتقلّبُ في أحضان الانفجار المعلوماتي المتعدد الأبعاد، تستيقظُ إلى عظمة هذه اللغة، وتعي وظيفتها الكبرى في هذا الوجود، وتتحمّل مسؤوليّتها بقوّة أمام الله وأمام التّاريخ.
كثيرةٌ هي المراكز التي تُعنى بتعليم اللغة العربيّة، وكثيرةٌ هي المجامع اللغويّة، وأقسام اللغة العربيّة في الجامعات والكليّات في عالمينا العربي والإسلامي، بل وفي شتّى أقطار المعمورة اليوم، ولكن هل وصلنا إلى قرارات صحيحة وحازمة وشجاعة وموحّدة تخدم اللغة العربيّة؟ هل استطعنا الاتّفاق على صيغ تربويّة مناسبة تتماشى مع المراحل العمريّة لتعليم هذه اللغة العظيمة؟ هل لدينا امتحانات واختبارات تقيس الكفاية اللغويّة كما يفعل الأجانب في الاختبارات العالمية الموحّدة، وهل وهل وهل؟
إنّ الذي يشتكي منه الجسم العربي اليوم هو تشرذم القوى، وتصدّع الرّؤى. إنّ الجهة الغائبة التي ندعوها إلى الحضور، والتي يعدّ حضورها ضروريا بل فريضة وحتميّة هو التخطيطُ اللغوي. وهذا العمل العظيم منوطٌ بكم أيّها العلماء الفقهاء في لغة التّنزيل. إنّ المسؤوليّة جسيمة، والمهمّة عظيمة، تكاد أن تنخلع الرّقابُ أمام ذراها الباسقة، ولكنّنا لا نستكينُ – بإذن الله وتوفيقه- ولا تخور عزائمنا، ولا ننثني أمام الخطوب والرّزايا مهما ادلهمّت غياهبُها.
إنّني لواثقٌ، وأنتم ثلّة قويّة من أهل العلم واللغة، وأنتم أبناء هذه الأمّة التي أعزّها الله بالقرآن، بأنّ لديكم القدرات والإمكانات والخلفيات العلميّة القويّة والواسعة التي تمكّنكم بالنّهضة والارتقاء بهذه اللغة العظيمة، وأن تحسنوا التّخطيط لها، وإنّ الله لموفّقكم، وهاديكم وناصرُكم، وآخذٌ بأيديكم إلى سواء السبيل وما ذلك على الله بعزيز.
دُمتم أوفياء للغة التّنزيل، وبُوركتم يا أهل شنقيط، أهل اللغة والشعر والبيان، وبوركت مجامعنا ومحافلنا اللغوية، وهدانا الله وإيّاكم إلى سواء السّبيل.
اقـرأ الـمـزيـدتأسيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا
الوزير الأول الموريتاني يستقبل وفد رؤساء المجامع اللغوية على هامش الافتتاح
بمكرمة سخيّة من صاحب السّمو الشّيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حفظه الله تعالى، رأى مجلس اللّسان العربيّ بمويتانيا النّور في العاشر من أكتوبر ٢٠١٧م. جاء هذا التأسيس استجابةً لتطلّعات اللّغويّين في البلد الشّقيق موريتانيا الذي عُرِفَ في القديم والحديث بحبّه للّغة العربيّة، وتميُّز أبنائه بالشّاعريّة المِثراءة المِعطاءة حتّى ذاع لدى المثقّفين وعامّة النّاس تلقيبُ موريتانيا: بلد المليون شاعر.
ونظرا لما يتميّزُ به هؤلاء اللّغويّون والأدباء والباحثون في هذا البلد العربيّ الأصيل، جاءت توجيهات صاحب السّمولبذل الجهد في التّعرّف على أحوال علماء اللغة فيه وظروفهم الثّقافيّة واهتماماتهم، وبتوفيق من الله تعالى تَمَّ التّواصلُ مع عدد من الجهات العلميّة والثّقافيّة، وبعد اجتماعات تنسيقيّة مع كوكبة من الأكاديميين واللغويين، تمّ بحمد الله تعالى إنشاءُ مجلس اللسان العربيّ بموريتانيا الذي يرأسه سعادة الأستاذ الدكتور الخليل النحوي الذي ينحدر من أسرة هي من سراة أهل شنقيط علما وأدبا والتزاما.
ومنذ الأيّام الأولى التي شرع فيها مجمع اللغة العربيّة بالشارقة بالتّنسيق مع الدكتور الخليل النّحوي في شأن مجلس اللسان، تمّ الاتّفاق على الخطوط العريضة التي يتوخّى المجلس تحقيقها، وتبلورت هذه الخطوط في شكل رؤية واضحة ورسالة وأهداف منصوص عليها في النّظام الدّاخلي للمجلس.
وجاء في تعريف مجلس اللسان في لائحة قانونه التأسيسي بأنّه هيئة اعتباريّة تضمّ صفوة مختارة من اللغويين الموريتانيين لجمع شملهم، وتسليط الأضواء على أحوالهم واهتماماتهم اللّغويّة، وتحقيق آمالهم وتطلّعاتهم. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، تمّ إنشاء المجلس ليكون مِظلّةً مجمعيّة تشارك مع سائر المجامع اللغويّة والعلميّة مُسجّلا حضور اللّغويين الموريتانيين على الساحتين العربيّة والدّوليّة.
يسعى المجلس الذي اتّخذ من مدينة نواكشط مقرّا له إلى تحقيق جملة من الأهداف منها:
- تشجيع استعمال اللّسان العربيّ، والتّمكين له وطنيّا وإفريقيّا وفي سائر بلدان الأمّة وعبر العالم.
- تيسير قواعد اللّسان العربي، والتّعريف بمكانة اللغة العربيّة ماضيا وحاضرا ومستقبلا.
- الإفتاء مبادأةً أو استجابة لطلب، بشأن قضايا المصطلحات تعريبا وتنسيقا وتأصيلا.
- تطوير أساليب تدريس اللغة العربيّة لأبنائها والمستعربين.
- التّمكين للسان العربيّ في نظم المعلومات وتقانات التّربيّة المعاصرة.
- تشجيع البحث والتأليف والابتكار في أنظمة اللسان العربيّ وأنساقه ودلالات ألفاظه وسائر علومه وقضاياه.
- التّعاون مع مجامع اللّغة العربيّة وسائر الهيئات العاملة في الحقل اللّغوي الكبير.
هذا، وقد حدّد مجلس اللسان العربي بموريتانيا في لائحة نظامه الأساسي شروط عضويّة المجلس بالنّسبة للرّاغبين في الانخراط فيه؛ فعلاوة على ضرورة كون المترشّح متضلّعا في علوم اللغة العربيّة المتنوّعة، فإنّه ينبغي أن يكون لديه إنتاج علميّ غزير في الحقول اللغوية المختلفة، وأن يكون ذا مكانة علميّة مرموقة في المجتمع، ويشهد بخبرته واستحقاقه لعضوية المجلس عضوان عاملان من المؤسّسين، ويكون ذلك بكتابة شهادة خطّيّة في صلاحيّته وجدارته، وأن تقوم لجنة متخصّصة بدراسة أعماله وإنجازاته، وبعد ذلك يتم دراسة موضوع عضويّته في مؤتمر المجلس، ولا يتمّ قبوله عضوا إلا بعد موافقة الأغلبيّة المطلقة على عضويّته.
تحسن الإشارة إلى أنّ مجلس اللسان منذ تأسيسه، أقام جملة من المناشط العلميّة، والنّدوات اللغويّة منها:
- تنظيم نشاط افتتاحي في اليوم الأخير من شهر رمضان 1438/ 24 يونيو 2017، أشرف عليه وزير الثقافة الناطق الرّسمي باسم الحكومة، ووزير التّعليم العالي، وحضره رئيس المجلس الأعلى للشباب والأمين العام لوزارة الاتصال وعدد مهم من المسؤولين وجمع غفير من النخبة المثقفة في البلد. وقد تضمّن النشاط كلمات رسمية من طرف وزير الثقافة ورئيس المجلس، وعرضا تعريفا بالمجلس وأهدافه، ومحاضرة عن دور اللغة العربية في نشر العلوم في العصور الوسيطة، وقراءات شعرية لمجموعة من أبرز شعراء البلاد.
- تشكيل سبع لجان عمل باشرت عملها تختص كلٌّ منها بحقل من الحقول التالية:
- الثقافة والتراث والنّشر
- التّعليم العالي والبحث العلمي
- الاتّصال والتّوثيق والمعلومات
- تبسيط القواعد وتطوير طرق تدريس العربيّة
- الأساليب والإفتاء اللغوي
- المصطلحات تعريبا وتأصيلا
- تهذيب العاميّة والتّمكين للسان العربي
- تنظيم ندوة مجمعيّة يوم 13 محرم 1439هـ/ 4 أكتوبر 2017 حول العربية بين التحدّيات الآنية والفرص الآتية، شارك فيها معظم قادة المجامع اللغوية والهيئات النّظرية في البلدان العربية وبعض البلدان الإفريقية. وقد حظيت الندوة بحضور رسمي وعلمي كبير.
- تنظيم مسابقة شعرية حول أفضل قصيد عن اللغة العربية.
- تنظيم محاضرة حول ” مزايا اللغة العربية”، قدمها رئيس المجلس يوم الأربعاء 26 صفر 1439هـ/ 15 نوفمبر2017
- تنظيم ندوة عن “تهذيب العامية: الواقع والطموح” غرة جمادى الأولى 1439/ 17 يناير 2018.
- إطلاق البرنامج “لنا العربية” للتمكين للعربية في الوسط الحضري وتطوير مؤشّر قياس مكانة اللغة العربية للغرض المذكور.
- توقيع اتّفاق مع المجموعة الحضرية لمدينة نواكشوط من أجل تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج “لنا العربية”.
- إنشاء أول مكتبة متخصّصة في علوم اللغة العربية في البلد وفتحها أمام الباحثين.
- إنشاء مكتبة رقمية للمجلس، وتصميم برنامج خاص بإدارة المكتبة وفهرستها والبحث فيها.
- إنشاء شبكة بيانات داخلية للبحث وتبادل المعلومات والعمل المشترك داخل مقر المجلس.
- إطلاق موقع المجلس على الشبكة وقناة اليوتوب الخاصة بالمجلس وصفحة التواصل الاجتماعي.
- إنجاز سلسلة من المقابلات الإذاعية والتلفزية حول اللغة العربية ومهمات المجلس.
المشاركة في اجتماعات اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية وبعض الاجتماعات المتخصصة الأخرى في اليونسكو وفي بعض البلاد العربية.
اقـرأ الـمـزيـدزيارة الأمين العام لموريتانيا تمهيدًا لتأسيس مجلس اللسان العربي بنواكشوط
بتوفيق الله تعالى سيتم في 04-أكتوبر-2017 الافتتاح الرسمي لمجلس اللسان العربي بنواكشوط – موريتانيا بحضور معالي رئيس الوزراء، ومعالي وزير الثقافة بموريتانيا، وعدد من الدبلوماسيين العرب، وثلة من الأكاديميين واللغويين وفي مقدمتهم رؤساء المجامع اللغوية ( الاستاذ الدكتور حسن الشافعي رئيس اتحاد المجامع اللغوية ومجمع اللغة العربية بالقاهرة ، والأمين العام عبد الحميد مدكور، والدكتور عبد الفتاح الحجمري رئيس مكتب تنسيق التعريب بالرباط ، والدكتور عبد الله الوشمي الامين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لخدمة اللغة العربية بالرياض ، والدكتور صالح بالعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر، والدكتور محمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة).
وفي اليوم ذاته ستنعقد ندوة علمية يترأسها الاستاذ الدكتور الخليل النحوي رئيس مجلس اللسان العربي بوانكشوط، ويشارك فيها عدد من الباحثين اللغويين من شتى الأقطار العربية حول التحديات التي تواجه اللغة العربية، وسبل الارتقاء بالدرس اللغوي والمعجمي.
وسيقوم الضيوف المشاركون في هذه التظاهرة اللغوية بجولات استطلاعية على جملة من المؤسسات العلمية والأكاديمية في نواكشوط وزيارات مجاملة لبعض الشخصيات الرسمية في الدولة.
اقـرأ الـمـزيـد