مجمع اللغة العربيّة من الفكرة إلى الواقع

جاءت فكرةُ تأسيس مجمع اللغة العربيّة بالشارقة استجابة لكثير من الأهداف والمشاريع التي كان صاحب السّمو الشّيخ الدّكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة – حفظه الله تعالى-  يُفكّرُ فيها، ويسعى إلى إيجاد حلول عمليّة لها؛ حيث إنّ سموّه عايش حركة المجامع اللّغويّة والعلميّة أكثر من ستّة عقود ابتداء من ستينيّات القرن الماضي في مرحلته الجامعيّة التي قضاها في القاهرة، وكان شاهدا على الأحداث الكبرى والنشاطات والإنجازات التي يقوم بها مجمع اللغة العربيّة بالقاهرة.

     وتماشيا مع خطّه الثّقافي التّربويّ الذي لم يَحِدْ عنه قيدَ أنملة منذ تولّيه حكم الشّارقة، فإنّ سموّه كانت تُراوده فكرة تأسيس مجمع لغوي في الشارقة لا لتلبية حاجات لغويّة في الإمارة، فهو يعلم أنّ ثمّة مؤسسات لغويّة وتربويّة تلبّي الاحتياجات الدّاخليّة، وإنّما الهمّ الذي كان يقُضُّ مضجعه هو أحوالُ المجامع اللّغويّة في دولنا العربيّة؛ إذ إنّه كان يسمع الكثير عن أخبارها غير السّارّة، وخطواتها المتعثّرة، ومشاريعها المتأخّرة بسبب العامل المادّي؛ من هنا صحّ عزمه وتبلورت في وجدانه فكرةُ إنشاء مجمع اللغة العربيّة بالشارقة لخدمة المجامع اللغويّة ودفع حركة التأليف والتّرجمة والتّعريب والصناعة المعجميّة فيها.

     فالمجمع، كما صرّح سموّه في مناسبات عديدة، همزة وصل لدراسة المشاريع اللغويّة الكبرى في عالمنا العربي، وتيسير الطّريق أمامها لتجد مكانا لها في التّطبيق والتّنفيذ. ومنذ أن رأى مجمع الشارقة نور الإنشاء بمرسوم أميري من سمّو حاكم الشارقة، خطا خطوات عمليّة حثيثة حيث قام الأمين العام للمجمع بزيارات عديدة لعدد من المجامع اللغويّة والمراكز العلميّة مثل مجمع اللغة العربيّة بالقاهرة، ومجمع اللغة العربيّة بالخرطوم، ومكتب تنسيق التّعريب بالرباط، ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدّولي لخدمة اللغة العربيّة بالرياض وغيرها.

     وبتوفيق من الله تعالى، ثم بتوجيهات صاحب السّمو حاكم الشارقة، استطاع المجمع أن يقطع أشواطا في مضمار التّعاون والتّنسيق مع المجامع اللّغويّة، ومِن أولى المحطّات التي يحسُنُ ذكرها في هذا المقام إنشاء مجلس اللسان العربي بموريتانيا بمكرمة سخيّة من سمّوّه، والذي يضمّ ثلّة من علماء العربيّة ومحبّيها العاملين.

  من ناحية أخرى، وقَّع المجمع منذ تأسيسه مذكّرات تعاون مع كلّ من مجمع اللغة العربيّة بالخرطوم، ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدّولي لخدمة اللغة العربيّة بالرياض لتنفيذ عدد من المشاريع اللغوية.

     وتحسن في هذا المقام الإشارةُ إلى تبنّي مجمع الشّارقة – برعاية سامية من صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حفظه الله تعالى – جائزة الألكسو/ الشارقة في الدّراسات اللغويّة والمعجميّة التي حالفها التّوفيق في دورتها الأولى ٢٠١٧، وشدّت إليها أنظار اللّغويين والباحثين في كثير من الدول العربيّة وغيرها، وتمّ تكريم الفائزين بالمراكز الأولى في مقر منظمّة اليونسكو في باريس في احتفاليّة اليوم العالمي للّغة العربيّة في ١٨ ديسمبر ٢٠١٧م.

    هذا، ولمجمع اللغة العربيّة بالشارقة جملة من المشاريع اللّغويّة والعلميّة، قد خطّط لتنفيذها في المستقبل القريب وسيُعلن عنها في حينها.