في إطار الدّعم المتواصل لجهود اتّحاد المجامع اللغوية والعلمية، شارك صاحب السّمو الشّيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، والرّئيس الأعلى لمجمع اللغة العربيّة بالشارقة في لقاء اتحاد المجامع الذي انعقد في القاهرة في مدينة ستة أكتوبر في 10 مايو ٢٠١٧م، وقد أكّد سموّه أنَّ مشروع المعجم التاريخي للغة العربية جاء للنهوض بهذه اللغة والارتقاء بها،وخدمتها والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
وقال سموه: “إنّ مجمع اللغة في الشارقة لم يوجد ليكون قطبا من أقطاب المجامع في العالم العربي، ولكن من أجل دعم تلك المجامع ماديا ومعنويا والنهوض بها، وذلك بالتّنسيق والتّواصل مع اتّحاد المجامع اللغوية العلمية العربية في جمهورية مصر العربية:”.
وبارك سموّه تأسيس مجمع اللغة العربية في موريتانيا وانضمامه لعضوية اتحاد المجامع. وأعلن سموّه عن تكفّله بإقامة المشاريع الوقفية التي ستوجد دخلا ذاتيا وريعا دائما للمجامع العربية في مختلف أقطار الوطن العربي.
جاء ذلك في كلمة صاحب السمو حاكم الشارقة التي ألقاها في اجتماع أعضاء اتّحاد المجامع اللغوية والعلمية العربيّة بحضور سعادة جمعة مبارك الجنيبي سفير الدولة لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدّول العربية لمناقشة المقترح الأوّلي لقواعد المنهج والتّطبيق لمشروع المعجم التاريخي للغة العربية.
وقال سموّه: ”في البداية أرحب برئيس الاتّحاد وأمينه العام وممثلي المجامع والمراكز اللغوية والحضور جميعا، في هذا اللقاء الأخوي الذي يجمعنا جميعا في محبة هذه اللغة، لغة القرآن ولغة الأنبياء، ويسرّني أن أوضح لكم بأنّه قد تم بدء العمل في مجمع اللغة العربية في الشارقة، والذي جاء من أجل النهوض بالمجامع اللغوية في العالم العربي، وقد لاحظنا أن هناك كثيرا من الأمور التي تحتاج إلى دعم معنوي أو دعم مادي ونحن نقوم بذلك، وقد فتحنا مجمع الشارقة ليس لأن نكون قطبا من أقطاب هذه المجامع ولكن خدمةً للغة، ويكون هذا المجمع الموجود في الشارقة هو همزة الوصل بيني وبين اتحاد المجامع في القاهرة وباقي المجامع في العالم العربي، ولن نتواصل مع الآخرين إلا من خلال اتحاد مجامع اللغة العربية”.
وأضاف سموّه إن المشروع الأساسي الذي قدمنا للحديث حوله هو المعجم التاريخي للغة، وهدفنا منه النّهوض باللغة العربية، والتّعريب والتّرجمة العربية، وإيجاد الألفاظ الجديدة المتوائمة والمتماشية مع هذا العصر، كل ذلك يريد منّا جهدا كبيرا سواء من جانبنا نحن أو من جانبكم أنتم علماء اللغة. نحن لا نستطيع أن نشرع في هذه اللغة لا نستطيع أن نضيف عليها شيئا من عندنا بدونكم أنتم، فأنتم العلماء الذين نعقد عليهم العزم بحيث نتحرك سويّا إلى الارتقاء بهذه اللغة”.
وقال سموّه : ”ربما يكون هذا جهدا شخصيا، والأشخاص زائلون، ويجب أن يكون لهذا الاتحاد وللمجامع الأخرى ريعٌ دائمٌ في صورة وقفيات لكل المجامع حتّى تستمرّ هذه المجامع في عطائها وتقديم ما يجب عليها في خدمة اللغة، ويجب أن يكون لها دخلٌ ذاتيٌّ، وهذا أنا أعدكم بالتّكفّل به، وضمان الاستمراريّة، والتّواجد في هذه المجامع يرادُ له الكثير، ولكن نقول: نحن زائلون. وإن شاء الله تكون هذه المجامع بإدارتكم أنتم، وبفهمكم وبإمكانياتكم اللغوية تستطيعون أن ترتقوا بهذه اللغة. اليوم البداية، وبهذه المناسبة نرحب بالمجمع اللغوي في موريتانيا الذي ولد حديثا، نبارك للإخوة في موريتانيا على هذا الإنجاز السريع الذي تجاوبت له الحكومة الموريتانية بكل سرعة، نقول كذلك إنّ هناك كثيرا من المجامع تحتاج إلى وجود في بلدانها لما يعتريها من عدم استقرار وتهديد، وتلك المجامع تحتاج إلى الاستقرار ليس بالدعم المادي فحسب بل الدعم المعنوي أكثر تأثيرا في تحقيق الاستقرار لها”.
بعدها ألقى الدكتور حسن الشافعي رئيس اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربيّة كلمة قال فيها: “إن هذا اليوم لمشهود في الأيام العربية، وهذا المبنى إنّه محظوظ، وللمباني والأشخاص والأزمنة والأماكن قدر مكتوب، وقد شاء الله تعالى أن يشرف هذا المبنى الذي أقامه وشيّده حصْنًا للعربية والثقافة وللهوية والوحدة العربية صاحبُ السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة مأمون الأمراء العرب الرّجل المتّفق على أمانته وإخلاصه لأمّته ولغته ودينه”.
وأضاف: ” إنه منذ عامين جاء سموه ليفتتح هذا المكان رسميا ولكن الافتتاح الحقيقي هو اليوم، هو إطلاق العمل في أهم مشروعات الاتّحاد، فاتّحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، كما تعلمون ويعلم سموه، مشغول ومنوط به تنسيق العمل بين المجامع العربية، ولكن الأمة قد ناطت به أيضا مشروعا تاريخيّا يمثل نقلة نوعية في تاريخ الثقافة العربية، واللغة العربية، وهو صدور المعجم التاريخي للغة العربيّة؛ فكل لغة حيّة من لغات العالم لها معجم تاريخي يرصد كلماتها ويسجّل دلالاتها، ويشفع بها شواهدها، ويدوّن تطوّراتها إلا اللغة العربية، وهي لغة أكثر من 400 من الملايين ومن ورائهم ظهير يتحدّثها ويستعملها، وهي أعرق لغات العالم قاطبة؛ فلا تزيد اللغات الأخرى في تاريخها عن قونين أو ثلاثة قرون أو يزيد قليلا، ولكن اللغة العربية كما هي مدونة في سجلات قديمة وفيما يكتشف من آثارها في الجنوب والشرق ما تزال قريبة ممّا هو مستعمل الآن عمرها يزيد على 18 قرنا”.
وقال: “إنَّ المهمّة ضخمة وهي تسجيل كلمات اللغة العربية وتطوّراتها على مدى هذه القرون الـ18، مع الشّواهد والأدلّة وتطوّر الكلمة والدّلالة، ولكنّ الهمّة الكبيرة لصاحب السّمو الدكتور سلطان بن محمد القاسمي المُجْمَع على محبّته وتقديره وتكريمه وتعظيمه “الأمير العالم الشيخ” هوّنت على المشتغلين فيه على أن ينهضوا بهذا المشروع، ولو أنّ الأمم الأخرى قد أخذت أحيانا قرنا كاملا في إصدار المعجم التاريخي فإنّ الأمة العربيّة الآن بعد الثّورة المعلوماتيّة وبعد التقنيات الحديثة ومع وجود 13 مجمعا على امتداد العالم العربي في مشارقه ومغاربه، يأمل أن يصدر هذا العمل خلال ربع قرن أو أقل بإذن الله، ولو أمكن خلال 20 عاما أو نحو ذلك، واليوم هو يوم الافتتاح لهذا المشروع الكبير بجهد ورعاية وبركة ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ولا أقول ضيف هذا المكان بل هو صاحبه، وحق علي أن أقول فيه.:
أقامَ لسانَ العُرْبِ في نهارِه ولولاهُ حقًّا ما أُقيمَتْ عواثِرُ
على النّاس دَيْنُ ثنائِكَ لازمٌ يُؤَدّونَهُ ما يذكرُ الحقَّ ذاكرُ
عقب ذلك ، طرح رؤساء وأمناء مجامع اللغة العربية في الوطن العربي أعضاء اتّحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية وجهات نظرهم، وناقشوا ما أسفر عنه اجتماع أعضاء المجلس العلمي للمعجم التاريخي، والمقترح الأوّلي لقواعد المنهج والتطبيق لمشروع المعجم التاريخي للغة العربية، وتمَّ استعراض أهمّ ما انتهى إليه المجلس من قرارات وتوصيات.
من جانبه أوضح الدكتور امحمد صافي المستغانمي أمين عام مجمع اللغة العربية في الشارقة الإجراءات العملية التي اتّخذت واتّبعت في تنفيذ وتطبيق ما تمَّ الاتفاق عليه من قبل أعضاء المجلس العلمي، ومن أهم تلك الإجراءات تشكيل لجنة علميّة تنفيذية تشرع في البدء في تنفيذ المشروع، وذلك بالتواصل اليومي سواء عبر تحديد لقاءات مباشرة أو عبر استخدام وسائل الاتصال الحديثة حتى يتحقق إنجازه في أسرع وقت ممكن.
واختتم الاجتماع بقصيدة للدكتور الخليل النحوي رئيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا أثنى فيها على جهود صاحب السّمو حاكم الشارقة في خدمة اللغة العربية، مبرزا دور مجمع اللغة العربية في الشارقة حيث قال:
بِسُمُــوِّكم تزدانُ يا سلطانُ للضّاد في أوطانها أوطــانُ
تزدانُ بالعلم النّضير وتزدهي بالشّعر، ذانِ الدُّرُّ والمرجانُ
الضّادُ جوهرةُ اللغاتِ بك ازدهت فدنتْ لقاطفِ ثمرها أغصانُ
آليْتَ تخدُمُها ولستَ بحانِثٍ وظهيرُك الإيمــانُ والفرقـانُ
والهمَّةُ القعساءُ ماضيةُ الشَّبا والصِّدقُ والاخلاصُ والإتقانُ
ويدانِ بيضاوانِ فاضَ جَداهما فهُما لكلِّ فضيــلةٍ عنــوانُ
ورجــالُ صِدْقٍ آزروكَ فكلُّهم للضّاد، في حلبــاتِها فُـرسانُ
بيد صناعٍ شُدَّت مِن أبراجها حيـــطانُ عرفانٍ لهــا آذانُ
الحرفُ عامرُها وفيه منــاعةٌ والوَقْفُ حارسُها به تُصطان
عِشْ للمكارم واسْعَ بين ربوعِها سَعْيَ السّحابة غيثُها هتّانُ
سلطانُ معرفةٍ، أميرُ ثقافةٍ حقًّا، لعمري، ذلكَ السُّلطانُ
حضر الاجتماع إلى جانب صاحب السّمو حاكم الشارقة وسفير دولة الإمارات لدى مصر ورئيس وأعضاء اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، كل من سعادة محمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وسعادة خليفة سيف الطنيجي المستشار بسفارة دولة الإمارات في القاهرة وسعادة محمد حسن خلف مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام، والدكتور رشاد سالم مدير الجامعة القاسمية.
حول مؤلف المقالة
تعليق 1
أطال الله في عمر سمو الحاكم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي